السبت، 1 فبراير 2014

قراءة في كتاب : العلاقات العامة و الصورة الذهنية للباحث المصري علي عجوة

إعداد : فريال أوصيف 
جامعة الجزائر 3 ، قسم الإتصال

 1 ـ معلومات عن الكتاب

                             العلاقــــات العامة و الصورة الذهنيّة
عنوان الكتـــاب
علي عجوة
المــــؤلــــف
الثـــــانيّة
الطبــــعـــة
2003 م
ســــنة الطــبع
عــــالم الكتب للطـــباعة و النشـــر و التوزيع
دار النشـــر
القاهــــرة ـ مصر
بـــلد النشــــر
215 صفحــــة
عدد الصــــفــحات


غلاف الكتاب







 2 ـ من هو علي عجـــــوة ؟  




Ø     أ. د . محمود عليّ عجوة أســــتاذ و باحث و أكاديمي بقسم العلاقات العامة و الإعلان بجامعة القاهرة ( مصر).
Ø    تولّى منصب عمادة كليّة الإعلام بجامعة القاهرة ( منذ العاشر من سبتمبر 2000 و حتّى أكتوبر 2003 ).
Ø    سافر أواخرَ عـــــام 1975 م إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة بغرض التعمق في دراسة مختلف الأدبيات التي تناولت  حقل العلاقات العامة في البلاد  ، ليكون بذلك من أهم الباحثين  العرب الذين أحرزوا تقدما كبيرا في مجال الدراسات الإعلاميّة و الاتصالية  بصفة عامة و في حقل العلاقات العامة و التصوير الذهنيّ بصفة خاصة .

Ø    صدرت للمؤلف الكتب التاليّة :
*   الأسس العلميّة للعلاقات العامة 1977 م / 231 ص .
*   دراسات في العلاقات العامة و الإعلام / 180 ص .
*   العلاقات العامة في المنشآت الماليّة ( البنوك و شركات التأمين ) 1995 / 170 ص .
*   العلاقات العامة بين النظريّة و التطبيق /  220 ص  .
*   الإعلام و قضايا التنميّة 2004 م / 191 ص .
*   دور الصحافة المصريّة في تشكيل صورة الأحزاب السياسيّة و إنعكاساتها على المشاركة السياسيّة 2006 / في عمل مشترك مع : هبة الله صالح السيد  و سهام نصار .

3 . ملخص كتاب : العلاقات العامة و الصورة الذهنيّة

قسم المؤلف كتــــابه إلى ثماني فصولٍ رئيسيّة ، كل فصلٍ ضمَّنَ فيهِ جملة من العناصر نلخصها كالتالي :

الفصل الأول / مفهوم الصورة الذهنيّة ، و ينقسم هذا الفصل بدوره إلى أربع محــــاور

المحور الأوّل : تناول فيه الآكاديميّ محمود علي عجوة نزرا مهما من التعريفات التي تناولت مصطلح الصورة الذهنيّة   IMAGE    منذ شيوعه بداية النصف الثاني من القرن العشرين تأثرا بالتأثير الكبير الذي أحدثته مهنة العلاقات العامة على الحياة الأمريكيّة ، هذا و يشير المؤلف في مستهل مسحه للمفهوم إلى  أنَّ  العلاقات العامة تهتم أساسا بدراسة صورة الشخصيات القياديّة و المنظمات و المؤسسات المختلفة للتعرف على نظرة و تصور الجمــــاهير لهذه الشخصيات أو المنظمات و كذا التعرف على العناصر الإيجابية و السلبيّة في هذه الصورة للتأكيد كما يذهب إليه الباحث على العناصر الإيجابية و علاج الأسباب التي أدت إلى تشكيل و بلورة الإتجاهات السلبيّة فضلا عن دراسة العوامل المؤثرة في تشكيل هذه الصورة و تطورها في ظل الإنتشار المهول و الواسع لوسائل الإتصال الجماهيريّة .

و بعد إستعراضه لعدد من التعريفات على غرار ذلك الوارد في قاموس وبستر في طبعته الثالثة و كذلك تعاريف مركز بحوث الرأي العـــــــــام في برنستون بالولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى تعاريف كل من كينث بولديغ و جفكينز و ريتشاردز يُقدِمُ المؤلف تعريفه الخاص لمفهوم الصورة الذهنيّة  و الذي نقتبسه كما يلي : " الصورة الذهنيّة هي الناتج النهائي للإنطباعات الذاتيّة التي تتكون عند الأفراد أو الجماعات إزاء شخصٍ معين أو نظـــــام ما ، أو شعب أو جنسٍ بعينهِ ، أو منشأة أو مؤسسة أو منظمة محليّة أو دوليّة أو مهنة معينة أو أي شيء آخر يمكن أن يكون له تأثير  على حيـــــاة الإنسان " .

المحور الثاني : و يتعرض المؤلف في هذا العنصر للحديثِ عن طبيعة الصورة الذهنيّة مؤكدا على أنَّ قوة هذه الأخيرة أو ضعفها عند الأفراد الذين تتكون لديهم يتوقف تبعا لدرجة إتصالهم و كذا تأثرهم بالمؤسسات المختلفة مشيرا للدور الفاعل الذي تلعبه وسائل الإتصال الجماهيريّة في تشكيل الصور الذهنيّة للجماعات على إختلافها ، ضاربا في هذا الموضع من الحديث المثل بصورة العربي أو الإسرائليّ عند الشعب الأمريكيّ و التي تكونت كما يؤكد في سياقِ حديثهِ نتيجة للتأثير الكبير الذي مارسته لفترة طويلة وسائل الاتصال الجماهيريّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة ، و في ذات السياق يتطرق المؤلف إلى الصعوبة التي تكتنف عمليّة تغيير هذه الصور فمن الضروري حسبه أن يبذل الأفراد جهدا مميزا لأنهم بصدد الإنقلابِ على قيم إتفق عليها الأفراد و لو أن عملية التغيير ليست بمستحيلة فبناءُ الصورةِ عمليّة ديناميكيّة و ليست إستاتكيّة تتسم بالمرونة و التفاعل المستمر و القابليّة للتغيير .

هذا و يربط المؤلف في المحور الثالث بين متغيري العلاقات العامة و الصورة الذهنية حيث عكف في هذا الصدد على تحديدِ مفهوم العلاقات العامة مستندا بالأساسِ على رؤية بول جاريت و الذي يعرفها على أنها " ليست وسيلة دفاعية لجعل المؤسسة تبدو في صورة مخالفة لصورتها الحقيقيّة ، و إنما هي الجهودُ المستمرة من جانب الإدارة لكسبِ ثقة الجمهور من خلال الأعمــــال التي تحظى بإحترامه " ، هذا التعريف الذي توقف الكاتب على الأهمية التي يوليها للجهود التي تبذل من أجل تكوين صورة طيبة في أذهان الجماهير .
إجمالا للقول قدم المؤلفُ علي عجوة لقراءِ هذا المحور قراءة مفصلة للتعريف المذكور آنفا مبينا أهميّة العلاقات العامة في تغييرِ الصورة السيئة عن الأفراد مُستعرضا في هذا الصدد المبادئ الأساسيّة التي أرساها " أبو العلاقات العامـــــــة
 الحديثة " أيفي لي  ، كما عرج للحديث عن التشويه الكبير الذي تعرض له تعبير ( مُصطلح )  صورة المؤسسة بالموازاةِ مع التشويهِ الذي طــــال مهنة العلاقاتِ العامة نفسها و التي أضحت في إعتقاد الكثيرين مجرد نشاطٍ يُعـــــنى بالمظهر الجميل و الشد على أيدي الضيوف و تقديم الخدماتِ المختلفة لرجال الإدارة و تنظيم الزيارات .. هلم جر ، في حين أنَّ مهنة العلاقاتِ العامة تعتمد بالأساسِ على الحقائقِ المؤكدة في مجالات السلوك و الأفعال و أصبحت ضرورة لا مراء فيها في هذا العصر .

في المحور الرابع  و الذي جاء تحت عنوان " ثروة الإتصال و التقمص الوجداني " يقدم الباحث رؤية تاريخيّة لتطور العمليّة الاتصالية فبعد التطور الباهر في إستخدامِ الرموزِ كوسيلة للاتصال و التفاهم الإنساني يشير المؤلف إلى التطور المماثل في علاقاتِ الإنتاج نتيجة لإنتقال المجتمع البشريّ من مرحلة لأخرى ، و في هذا الموضع المهم جدا يربط أ.د  علي عجوة  بين إستخدام هذا التفاهم عبر العصور بمهارة القائمين بالإتصال و الوسائل المتاحة لهم ، هذه الوسائل التي إستعرضها كرونولوجيا على النحو التالي " إختراع جوتنبرج للطباعة و ظهور صحافة الملايين و كذا الراديو مع بداية العشرينيات وصولا إلى ظهور الإذاعة المرئية ( التلفزيزن ) قبل بداية الحرب العالميّة الثانيّة "  ، هذا التقدم الباهر  في وسائل الاتصال ساهم بشكل كبير في تقريب المسافات بين بقاع العالم المختلفة حتى أصبح العالم على حد قول المؤلف من الناحية الإعلاميّة أصغر مما هو عليه في الواقع نتيجة لسرعة تداول المعلومات و الأنباء و نتيجة لما فرضه هذا الإيقاع من كثرة للتعرض لهذه الوسائل ، هذا التعرض الواسع الذي نقل الأفراد من عالمهم المحدود إلى عالم أوسع  و أرحب و نمى عندهم القدرة على التقمص الوجداني أي القدرة على تصور الفرد لنفسه في ظروف الآخريين أو تصوره لدوره و أدوار الآخريين في المجتمع .
هذا و بعد إشارته  للدور الكبير الذي تلعبه وسائل الإعلام في تكوين و بناء الصور الذهنية العديدة لدى الإنسان شدد الباحث على ضرورة إدراك المشتغلين في حقل العلاقات العامة في هذا العصر للتطور الكبير الذي شهدته وسائل الإتصال الجماهيريّة و كذا وسائل المواصلات المادية في عالم اليوم نتيجة لما يفرزه ذلك من سرعة كبيرة في إنتقال المعرفة بين الأفراد و المجتمعات و ما يفرزه ذلك من تضخم و تراكم لها .

الفصل الثاني / الأبعاد النفسيّة و الإجتماعيّة للصورة الذهنيّة ، و ينقسم هذا الفصل إلى خمسة محاور رئيسيّة 

 المحور الأوّل : تحدث فيه المؤلف عن خصائص التقديم غير المباشر للواقع مؤكدا على أنَّ العلاقات العامة تقوم بممارسة وظيفتها في تقديم الفرد أو المنظمة إلى الجمهور إستنادا على جملة من الرموز سواءا كانت لفضيّة أو غير لفضيّة لوصف الواقع الذي من الإستحالة تقديمه بشكل مباشر ، لذا فمن الضروريّ  أن تلجأ المنظمات إلى تقديم نفسها إلى الجماهير المستهدفة من خلال الإتصال بأنواعه و رموز هذا الاتصال ما هي إلا ترجمة لصور ذهنيّة تحمل معلومات عن واقع معين و بتقديم غير مباشر يتسم كما يُفْضي إليه شرح الكاتب بثلاث صفات أساسيّة هي الجزئيّة و التلون و عدم الدقة ، و كخلاصة لهذا المحور يؤكد الباحث المصري علي عجوة على أنَّ الصورة الذهنيّة أداة غير مباشرة لنقل المعلومات و لكونها كذلك فإنَّ هناك بعض الصعوبات التي تؤثر عليها قد تكونُ بعضها متصلة بعوامل خارجيّة تتمثل في { الجزيّة و التلون و عدم الدقة } المذكورة سالفا و التي تستوجب الحرص الحثيث من جانب العلاقات العامة حينما تهدف هذه الأخيرة إلى تكوين صور ذهنيّة .

في المحور الثاني قام البـــــاحثُ بتحديدِ الخصائص النفسيّة لأفراد الجمهور المستهدف أو التي قام بتسميتها بالعوامل الستة المؤثرة على الصورة داخل العقل و التي نجملها كما يلي ( أولا : قدرة الفرد على الإنتقال الحضاري من البيئة الثقافية  التي ولد و تربى فيها و تشبع بثقافتها ، ثانيا : الخبرات المكتسبة التي كونت شخصيات الأفراد و أعطتهم مع الإنتقال الحضاريّ  إطارا دلاليا محددا ساعد كما يذهبُ إليه المؤلف على تشكيل إتجاهاتهم نحو كثير من القضايا و المُشكلات التي تواجههم ، ثالثا : التخيل و التذكر و الذي يعني حسب المؤلف دائما قدرة العقل على إسترجاع الصور التي حدثت في الماضي و كذا تخيل صور لواقع لم يحدث ، رابعا : العواطف و هي المشاعر كما تم شرحه في الكتاب و التي لا تعتمد على العقل بل  تتحكم في كميّة و نوعية  المعلومات التي تتدفق إليه ، خامـــــــــسا : " العقيدة " فالفرد لا يستطيع أن يتحقق من صحة المئات من الآراء المعروضة عليه و بذلك فهو يقبل بعضها بالتوارث و عن عقيدة مُتبناة ، أما سادسا : فمركز التمييز في العقل و هو الذي ينتقي المعلومات و يصنفها و يُقَوِمُها مع عدم إغفال و إهمال تأثير العوامل الوسيطة في العمليّة الإتصاليّة ) .

أما في المحور الثالث من ذات الفصل فيتطرق الباحث لتقديم شرحٍ مفصل عن نظريات الإتجاهات هذا بعد أن قــــام بتجليّة مفهوم الإتجاه من خلال تعريفيّ كاتز و آلبورت هذا الأخير الذي يعرفه على أنه " حالة من الإستعداد أو التأهب العصبيّ و النفسي تنتظم من خلال خبرة الشخص و تكون ذات تأثير توجيهي أو دينامي على إستجابة الفرد لجميع الموضوعات و المواقف التي تستثير الإستجابة " ، أمـــــــــــــا عن أهم النظريات المنبثقة عن إجتهادات العلماء فصنفها المؤلف في أربع مجموعات رئيسيّة هي ( النظريات الوظيفيّة ، النظريات الإتساقية ، و نظريات التعلم فضلا عن تصنيف رابع و هو نظرية الإستغراقِ و الموازنة الإجتماعيّة ) ."

في المحورين الرابع و الخامس تطرق المؤلف إلى تأثير كل من الجماعات و قادة الرأي على إتجاهات الأفراد و إستنادا على النتائج البارزة التي توصل لها كل من بول لازرسفيلد و بيرلسون و جوديه من خلال مشروع علميّ عُني بقياسِ آراءِ المقترعين في الإنتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة سنة 1940 م ظهر  فيه أنَّ إتجاهات نزر كبير من أفراد العينة نحو المرشحين يتفق مع آراء عائلاتهم و الجماعات المرجعية التي ينتمون إليها ، كما ظهر أيضا أنَّ لقادة الرأي في المجنمع دور بارز في نقل مضامين وسائل الإعلام المتعلقة بالمرشحين إلى الآخريين بعد إضفاء فكرهم الخاص على الرسالة الإعلاميّة .

الفصل الثالث : برامج الصورة ، و ينقسم هذا الفصل إلى خمسِ محاور فرعيّة هو الآخر نلخصها فيما يلي :

المحور الأوّل : و الذي جاء تحت عنوان " فوائد تكوين الصورة الطيبة " ، تحدث فيه الكاتب عن الدور الكبير الذي تلعبه الصورة الطيبة للمنشأة في إجتذاب المهارات البشريّة اللازمة للعمل فيها فضلا عن دورها في إسعاد العاملين و تكثيف إحساسهم بالإنتماء للتنظيم و كذا جذب رؤوس  الأموال و زيادة أعدادِ المساهمين و الموردين و المتعهدين و الموزعين بالإضافة إلى السهولة في التعامل مع الهيئات التنفيذيّة و التشريعيّة هذا إلى جـــــانبِ نزرٍ كبيرٍ من الفوائد التي عدَّدها الباحثُ المصري محمود علي عجوة في هذا الموضع من الفصل .

أما عن المحور الثاني فتطرق المُؤلف فيه للحديثِ عن عنصر الصورة المرغوبة و التي تتعدد نظرا  لأنَّ هناك من المؤسساتِ ما تود أن تبرز في صورتها  الإهتمام بالمصلحة العامة على حسابِ الخاصة و هناك من تركز على قيامها بمسؤولياتها إتجاه المجتمع المحلي أي دعمها للإقتصاد الوطنيّ ، و هناك من تحرص على تكوين الصورة الطيبة المرتبطة بالإنتاج الجيد لا... هلم جر .
هذا و يؤكد الباحث في سياقِ مؤلفه على أن الصورة المرغوبة بالنسبة للفرد أو المنظمة ليست صورة واحدة بل هي مجموعة صور إحداها تبرز في المُقدمة و يشتد التركيز عليها . كما أكد كذلك على تأثير صورة الإنسان نفسه على الطريقة التي يفكر بها ما قد يصعب على الأشخاص الذين لا يقدرون أنفسهم مثلا حل المشكلات بإعتبار أن هؤلاء يفتقرون إلى الإبداع و الإبتكار في البحث عن الحلول المناسبة و غيرها من المشاكل .

في المحور الثالث يربطُ المؤلف بين ثنائيتين " الصورة المرغوبة و العلاقات الإنسانية " مشيرا إلى أن جانبا كبيرا من هذه الصورة المرغوبة يعتمد و يقومُ على جهودِ العلاقات العامة و كذا العلاقاتِ الإنسانيّة بإعتبار أن الأولى وظيفة مهنية تُمارسُ من خلال إدارة متخصصة تشتركُ  فيها الجهود و الأعمال البناءة و السلوكُ الطيب ، أما الثانيّة فهي  السلوك الإداري للقيادات المختلفة تجاه المرؤوسين داخل المنظمة و الذي يقومُ على تقدير الفرد كعضوٍ في المنظمة ، و يُجمل المؤلف القول في نهاية هذا المحور قائلا بأن " إلتزامَ الإدارة في أي منظمة بالسلوك الإداري الذي يتفق مع مبادىء العلاقات الإنسانية يهيء الفرصة للعلاقات العامة كي تمارس وظيفتها داخل المنظمة بكفاءة عاليّة جدا .

في النقطة الرابعة من هذا الفصل تطرق الباحث إلى مبادئ التخطيط لبرامج الصورة ، هذا التخطيط الذي يبدأ وفقه بتحديد نقاط الضعف و القوة في الصورة الحاليّة للفرد أو المنظمة لتتمثل الخطوة الثانيّة التي حددها الكاتب في وضعِ تخطيطٍ مكتوب لمعالم الصورة المرغوبة التي تود المنظمة أن تكونها لنفسها لدى الجماهير ثم ننتقل بعد ذلك إلى مرحلة إبتكار و إبداعِ الأفكار و الموضوعات لنقلِ هذه الصورة .

و في المـــــــحورِ الخامسِ بالتحديد و الذي يحمل عنوان " وسائلُ تكوين الصورة المرغوبة " عاد الباحث إلى فكرة أن الصورة الذهنّية مُكونةٌ أساسا من خلاصة التجارب المباشرة و غير المباشرة للأفراد إزاء كيان ما سواءا أ كــــــــــــان شخصا أو نظاما أو شعبا أو جنسا أو منشأة على إختلافِ طبيعتها ، رابطا هذا الأمر بالدور الكبير الذي تلعبه وسائل الاتصال الجماهيريّة في بناء الأفراد لتصوراتهم حول العالم الذي من حولهم و بالتالي هذه  الكيانات .

و من أجل توضيحٍ أجلىَّ قسم المؤلفُ علي عجوة وسائل الإتصال التي تستخدم في تكوين الصورة المرغوبة للمنظمات و المؤسسات المختلفة إلى قسمين رئسيين : القسم الأول هو وسائل الاتصال العامة كالصحف و المجلات و الراديو و التلفزيون و السينما و كتب الثقافة العامة و كذا المعارض القوميّة الخارجة عن النطاق الداخليّ للمنشأة ، فضلا عن الإعلانات المضيئة و هي إعلانات شهرة بصفة أساسية تستهدفُ التأثير على إنتباهِ المشاهدين لها كما يذهب إليه المؤلف دائما .
أما التقسيم الثاني فيضم في طياته كل وسائل الإتصال الخاصة بالمنظمة و التي توجه إلى جماهيريها بصفة أساسيّة و تشمل هذه الوسائل الخاصة مطبوعاتِ المنظمة على إختلافِ أشكالها فضلا إلى ما تنتجه من مواد إذاعية و تلفزيونية أو سينمائيّة و كذلك إقامة المعارض أو الإشتراكِ فيها  ... هلم جر من الوسائل و السُبل لبناءِ و تكوينِ صورة ذهنيّة طيبة و مرغوبة عن المؤسسة.

الفصل الرابع : صورة المرشح السياسي / و يتفرعُ هذا الفصلُ إلى خمسة  عنـــــاصر أساسيّة

في المحور الأوّل يُقدم الباحث قراءة عن أهم إستراتجيات الحملات الإنتخابية في الولاياتِ المتحدة الأمريكيّة و التي تسعى بالأساسِ إلى تشكيلِ صورة مرغوبة جدا للمشرحين في أذهانِ الفئة الناخبة ، هذا و يشير المؤلفُ في هذا الصدد  إلى مـــا يحضى به التلفزيون و الراديو من نصيب هام في ميزانيات الحملات خاصة في ظل إقرارِ الباحثين و المتخصصين بدور و أثر هذه الوسائل على القرار الإنتخابي لدى الأفراد [1].

في المحور الثاني تطرقَ الباحثُ إلى معالم القوة التي إتسمت بها إستراتجيّة الرئيسِ الأمريكيّ ريتشارد نيكسون أثناء حملاته الإنتخابيّة و التي إتضحت كما يؤكد في مستهل طرحهِ في علاقته بوسائل الإعلام إبان حملته الناجحة لرئاسة سنة 1968 م إذ إتسم هذا الأخير بصراحته المدبرة و ضبط القائمين على حملته مختلف التفاصيل المتعلقة بالأسئلة المطروحة عليه و هوية سائليها .. إلخ .
و بالرغم من أن علاقة نيكسون بالصحافة في الفترة الأولى من حكمه لم تكن طيبة جدا كما يردف المؤلف إلا أنَّ هذا الأخير إستطاع أن ينجح في الإنتخابات التالية في عام 1972 م ما أثار إهتمام الباحثين في علوم الإعلام و الاتصال و السياسة و سلط الضوء العلميّ على حملته .
لكن هذه الصورة الطيبة التي عُرف بها صاحبها ما إنفكت أن تراجعت و عجزت عن الصمود في مواجهة أقوى  ضربة صحفيّة وجهت لهذا الرئيس كما يذهب إليه المُؤلف في المحور الثالث الذي يحملُ عنوان " التحول الرهيب في صورة نيكسون " ، فبتركيز وسائل الإعلام على ما اصطلح على تسميته بفضيحة " ووترجيت " تراجعت شعبيّة الرئيس إلى درجة حملَّته إلى تقديم إستقالته .

في المحور الرابع تطرق الباحث إلى مختلف الإنطباعات السياسيّة و الشخصيّة التي إصطبغت بها حملة إنتخابات الرئاسة الأمريكيّة التي جرت عــــــــــــــــــــام 1976 م و لعل أبرز ما لوحظ في هذا الصدد إهتمام الحملة بالطابع الشخصي المرتبط بالسلوكِ الخاص للمشرح و تصرفاته الشخصيّة و كذا أسلوبه في الحياة أكثر من الإهتمام بالجوانب السياسيّة الأكثر أهميّة ، و في هذا السياق دائما قدم المؤلف  لقراء عمله مجموعة من الأمثلة خاصة منها التي تعلقت بالتغطيّة الإخبارية لكــــــــــارتر.

هذا و في المحطة الأخيرة من هذا الفصل تطرق الباحث إلى التأثير الكبير الذي تلعبه الأحداث المثيرة و المتراكمة في توجيه نتائج الأحداث مواصلا الحديث عن كـــــــارتر الذي شهدت فترة رئاسته كما يذهب إليه المؤلف صعودا و هُبوطا متكررا في شعبيته تأثرا بنتائج الأحداث المثيرة التي وقعت في عهده على غرار فشل عمليّة إنقاذ الرهائن الأمركيين في إيران و غيرها من المشكلات السياسيّة و الإقتصاديّة .

الفصل الخامس : الصورة القوميّة ، يتضمن هذا الأخير في طياته أربع عنـــــــــــــاوين رئيسيّة نجملها فيما يلي :

المحور الأول : و الذي يربط فبيه المؤلف الحديث بين مهنة العلاقات العامة و الصورة القوميّة باعتبار أن النظام الحاكم في أي دولة يقوم بذات النشاطات التي تنهجها أي منظمة لبناء و تحسين صورتها سواءا بمساعدة وسائل الاتصال الجماهيريّة في تلك الدولة أو بالتعاون مع البعثات الدبلوماسية و التعليميّة أو بعض وكالات العلاقات العامة .

ليصل  الكاتب بالحديث في المحور الثاني إلى تقديم نموذج واقعي يتمثل في الدور المهم الذي تلعبه الهيئة العامة للإستعلامات في صنع الصورة المصريّة ، الهيئة التي تتلخص مجمل أهدافها في توضيح الصورة الحقيقيّة لمصر أمام الرأي العام العالميّ و شرح أهداف الدولة و خططها في مختلف المجالات بالإضافة إلى تدعيم المفاهيم الجديدة للدولة و القيام بإستقصاءات عن الرأي العام العالميّ و المحليّ و رؤيته لمختلف القرارات التي تتخذها أجهزة الدولة ... إلخ من الأهداف التي من شأن تحقيقها أن يكرس صورة مرغوبة عن الأمة .

هذا و يعود الباحث في المحور الثالث لرصد تاثير الأحداث المثيرة على الصورة القوميّة بعد أن تناول في موطن سابق من الكتاب ثأثيرها على اى صورة الساسة ، المهم في الأمر أنَّ المؤلفَ يذهب إلى أنَّ إستغلال الأحداث المثيرة إعلاميا و دعائيا عنصر حاسم و فاعل في بناء الصور و تفسيرها أو إدخال تعديل عليها ممثلا ذلك بصورة الروس عند بعض الشعوب و في مقدمتهم الأمركيين بعد إطلاق القمر الصناعي السوفياتي الأوّل و كذا صور العرب و الإسرائلين في خضم إحتدام الحرب .

في المحور الرابع الذي يحمل عنوان " صورة الأعداء و الأصدقاء "  يوضح الباحث الدور الذي تلعبه الظروف المحتدمة بين الدول في التأثير بشكل كبير على نوعيّة الصورة التي ترسمها كل واحدة عن الأخرى في وسائل الاتصال الجماهيريّة ، في حين أن مشاعر الود و الصداقة التي تجمع بين دولتين يقول الباحث تنعكس بشكل جليّ على ما تنشره و تذيعه الدولة أ عن الدولة ب .
و في هذا الموطن استدل الباحث على رؤيته من خلال التركيز على دراستين أمريكيتين إهتمتا بالتعرف على صورة  دولة ما في صحافة دولة أخرى ، تناولت الدراسة الأولى صورة الولايات المتحدة الأمريكيّة في صحافة أمريكا اللاتنيّة و الأخرى إستهدفت التعرف على صورة الولايات المتحدة الأمريكية لكن هذه المرة في الصين .

الفصل السادس / بحوث الصورة ، و يتفرع هذا الفصل إلى أربع محاور رئيسيّة :

في المحور الأوّل يتحدث الباحث عن الإهتمام المتزايد الذي لقيته بحوث الصورة القوميّة من جانب المهتمين بالعلاقات الدوليّة و المشتغلين فيها ، خاصة في ظل شيوع المنظمات الدوليّة التي غدت حريصة بشكل مُلح على معرفة صورتها السائدة بالنسبة  للجماهير ذات الصلة الوثيقة بها في المجتمعات الأخرى .

أما في المحور الثاني فتطرق الأكاديمي علي عجوة إلى مختلف الأدوات العلميّة التي تستخدم في إجراء بحوث الصورة الذهنية على غرار تلك الأكثر شيوعا و المتمثلة في الإستبيان و المقابلة و التي تهدف لمعرفة صورة الفرد أو المنظمة في أذهان الجماهير و كذا أداة تحليل المضمون التي تدرس الصورة من خلال وسائل التعبير الجماعيّة كما إصطلح المؤلف على تسميتها و التي تتمثل في الصحف و المجلات و الأفلام و الراديو و غيرها  من الوسائل .

هذا و سلط المُؤلف في المحورين الثالث و الرابع الضوء على تحليل المضمون كأداة مهمة لدراسة الصورة مستعرضا حيثيات بروز و ميلاد هذه الوسيلة و أهميتها ، كما حــــــــــــاول تقديم ظبط لمفهومها ليُحدد بعد ذلك إجراءات هذا التحليل على الشاكلة التي جاء بها الباحث ريتشارد باد و التي تتلخص في ستِ خطواتٍ هي ( أولا : تحديدُ مشكلة البحث و يتصل بهذه الخطوة كما يذهب إليه المؤلف تحديد المفاهيم و الفروض العلميّة  ، ثانيا : إختيار العينة ، ثالثا : تحديد وحدات التحليل و فئاته وفقا لقواعد موضوعيّة ، رابعا : تحويل المضمون إلى حقيقة رقميّة ، خامسا : المقارنة بين المتغيرات الرقميّة للمضمون ، سادسا : إستخلاص النتائج وفقا لملاحظات الباحث و طبقا  للنظريّة الملائمة .

الفصل السابع : الإعلام الإسلامي و تحديات القرن الحادي و العشرين
و هو عنوان بحث وثيق الصلة بموضوع الكتاب كما يذهبُ إليه المؤلف و الذي نـــــــــــــــاقشَ فيه التحديات التي تواجه المسلمين و كذا الواقع الإعلامي الإسلامي في المرحلة الأخيرة من القرن العشرين و بداية القرن الواحد العشرين .
و في خاتمة هذا العمل البحثي أشار المؤلف إلى ضرورة تغيير الواقع العربي و تطويره كأساس ينطلق منه الإعلام الإسلامي إلى باقي أرجاء العالم مؤكدا على ضرورة نبذ عوامل الفرقة و التشتت بين الشعوب العربيّة و الإستفادة مما سماه عوامل الوحدة و التآلفِ لتقديم صورة جيدة ، هذا الأمر الذي لا يتحققُ إلا   عن طريقِ تخطيط عربي مُشترك .

الفصل الثامن : العلاقــــــــــات العامة و الشرطة المصريّة  ، و هو عنوانُ بحثٍ ثانٍ دعم به المؤلف موضوع كتابه و تناول فيه دور العلاقات العامة في تحسينِ الآداء الوظيفي للشرطة المصريّة و كذا زيادة التفاعل بينها و بين الجماهير لتحقيقِ الأمن و التصديّ للأعمال التي تسيء لصورة البلاد كما يؤكد عليه الباحث أ. د علي عجوة .


  4 . خلاصة :

يعتمد الانسان على العالم المحيط به بصورة أساسيّة كمصدر من مصادر الصور التي يستمدها و يخزنها ، و كذلك على المؤسسات المحيطة به من عائلة و شارع .. هلم جر .
و لعل الدور البارز الذي تقوم به وسائل الاعلام الجماهيري في هذا الصدد دور بارز اذ يحصل الفرد من خلالها على المعلومات و الآراء و المواقف مما يساعده على بناء تصور  ذهنيّ عن العالم الذي يعيش فيه ، و لا سبيل للنفي بأنّ وسائل الاعلام على اختلاف مشاربها عامل مهم من عوامل الادراج المعرفي لدى الجمهور .
و في ظل الاهتمام المتزايد الذي يحضى به موضوع الصورة الذهنيّة و أهميتها بالنسبة للفرد أو المنظمة في مختلف الدوائر العلمية و الآكاديميّة تعد هذه الدراسة للباحث المصري الأستاذ الدكتور محمود علي عجوة أحد أهم الإنتاجات الفكريّة العربيّة التي أخذ فيها المؤلف على عاتقه القيام ببحث علميّ رائد و متكامل تناول فيه الصورة الذهنيّة و الدور البارز لمهنة العلاقـــــــــات العامة في تكوينها أو تعديلها .
هذا و يجدر الإشادة بالإضافات المهمة التي ضمَّنها الكاتب  في هذه الطبعة فضلا عن المادة العلميّة القيمة التي بقيّت قارة من الإصدار الأول في  عام 1983 م حين كانت الدراسات العربيّة في حقل الصورة الذهنيّة لا تزال في بدايتها .
فريال أوصيف / الجزائر / 2014.



 أنظر ص 105 و 106 للحصول على الأمثلة و الوقائع التي ذكرها المؤلف .[1]