الأربعاء، 4 نوفمبر 2015

قراءة في كتاب : إدارة المعرفة " المفاهيم ، النظم ، التقنيات " للباحث سعد غالب ياسين ( الجزء الثاني )


إعداد : فريال أوصيف -  الجزائر
الجزء الأول على الرابط التالي : 
http://www.hadiaoucif.blogspot.com/2015/11/blog-post.html
ملاحظة ، من الخطأ لغويا و منهجيا إتمام السطرِ بحرفِ الواو غير أنّه لعدم تجاوب المدونة مع التعديلات ، تم 
تركهُ على حالهِ .



الفصل الرابع :  تقييم و قياس  رأس مال المعرفة ( رأس المال الفكريّ )

يقول المؤلف  في التقديم لهذا الفصل : "  لا نستظهر في غاية الإستظهار  إذا قلنا  أنَّ أحد  أهم الأنشطة الوظيفيّة  لإدارة المعرفة  هو إدارة و تقييم  و قياس  رأس مال  المعرفة أو رأس المال الفكري في المؤسسات  العامة و منظمات الأعمال " .

و يربطُ  في سياق حديثهِ  أهميّة هذا النشاط  بظاهرة تارخيّة فريدة على حد  قوله تتمثل  بتصاعد دور  و تأثير   الأصول  غير الملموسة  ( المعرفة  على وجه التحديد )  في إقتصاد المعرفة الجديد  الذي أصبحت المعرفة في ثناياه  المورد و الطاقة  و و الوجهالجديد  للإقتصاد العالمي .

إنَّ عمليّة التقييم  و القياس  هذه  لهذا  الجزء الحيوي من المعرفة  من شأنها  أن تعظم من العوائد التي يحققها  و القيمة التي يقوم بإنتاجها  للمنظمة و المجتمع على حد سواء  كما من شأنها  أنتربط المعرفة بالأداء  وتحديد  دور و تأثير  مكونات رأس المال الفكري  في تحقيق الأهداف الإستراتجيّة الأساسيّة  للمنظمة من خلال  مؤشرات  كالقدرة التنافسيّة ، إبتكار الأعمال ،  نمو المنظمة ،  الحصة السوقيّة ،  الريادة في الصناعة  و كذا الإيرادات و الأرباح .

 في  المحورِ الأوّل همَّ  الباحث لتقديم  دراسة  و تحليل شاملة  لمفهوم "  رأس مال المعرفة "  إنطلاقا من رصد  جذور المفهوم التاريخيّة  و أبرز المفاهيم   الأخرى المتعلقة به  ، و يقول المؤلف : "   بصفة عامة ، تحتاج  كل منظمة  إلى رأس مال لديمومة حياتها  ، و لإعادة إنتاجها  و لحل مشاكلها  ، و في عالم اليوم  يوجد في منظمات الأعمال  كل من رأس المال التقليدي  و رأس مال المعرفة   ، رأس مال المعرفة يمكنُ تجزئته  إلى رأس مال  فردي  و رأس مال المنظمة " .

هذا و يوضح المؤلف  أن رأس المال  الفردي هو مجمل  المعارف و المهارات  و القدرات و التجارب  و التعليم و الجدارات  الجوهريّة  للموارد الإنسانيّة  البشرية في المؤسسة .

أما رأس مال المنظمة   فهو يشير إلى  رأس المال الهيكلي  الذي يعبر  عن الجدارة الجوهريّة  للمنظمة .
 و لا توجد  و لن توجد  في عالم الغد  " يقول الكاتب "  شركة تخلو  من رأس  المال الفكري  و هي حقيقة  لا أحد يجادل فيها  ، إلا أن النقاش  القائم يتعلقُ  أساسا  بالوسائل   المنهجيّة  و الطرق العلميّة  التي  يفضل الإعتماد  عليها لتقييم  و قياس هذا الرأس المال الفكري .

و يشير المؤلف  في هذا الصدد  إلى أنَّ الطرق  المحاسبيّة التقليديّة  التي  تستندُ  على الأصول الملموسة  و المعلومات  التاريخيّة للمعلومات  غير ملائمة  لفهم و تقييم   رأس المال الفكري للأفراد و المنظمة  و  الذي يعتبر  أهم الأصول الثمينة  ، فهذه الطرق نقصد " المحاسبيّة  التقليديّة "  تقيس الحقائق الماديّة الملموسة  و لا تقيس  الحقائق الأثيريّة  غير الملموسة  التي يتكون منها  رأس المال الفكري .

هذا و يميز  الدكتور  سعد غالب ياسين   في المبحث الموالي  بين رأس المال  الفكري و رأس المال التقليدي  و استند في مقارنته  على  مجموعة من الأبعاد الأساسيّة .
 و يشير  تأسيسا  لكل ما تقدم  إلى أن رأس المال الفكري  ( رأس مال المعرفة )  هو  القيمة الإقتصاديّة  للأصول  غير الملموسة  (أصول المعرفة في المؤسسة )  ، و هو كذلك حسب  تعريف OECD  يقول المؤلف "  القيمة الإقتصاديّة  لفئتين من الأصول غير المنظورة  للشركة  و هي رأس  المال الإنسانيّ Human Capital و رأس  المال الهيكلي Structural Capital  .[1]

في سياق محايث  يذهبُ  المؤلف في المحور الثالث  للحديث عن  مبررات  و أهميّة تقييم  و قياس الرأس المال الفكري  قائلا في هذا الصدد "  تتغير مكانة الشركات  في الصناعة و السوق  بفضل عوامل جوهريّة  جديدة مثل  حصة رأس مال المعرفة  و قدرات الإبتكار التكنولوجي  و التنظيمي  و الرياديّة في  إبداع القيمة  المرتبطة  بنماذج  الأعمال الجديدة " ، ما يعني  أن  ترتيب الشركات العالميّة  اليوم  لم يعد  محصورا في  عائداتها الماديّة  و فقط .

 هذا و يشير المؤلف  إلى أن مفهوم رأس المال الفكري  هو نتاج  التفاعل بين ثلاثة  فئات من الموارد  غير الملموسة  في المؤسسة  و هي الموارد الإنسانيّة  ، الموارد التنظيميّة  ، الموارد العلائقيّة  ، هذه الفئات الثلاثة  من الموارد  و  الأصول  استخدمت من   قبل الباحثين  و الممارسين   بمصطلحات  مختلفة .
في جانب آخر  حاول المؤلفُ  في المحور الرابع  أن يقدم إستعراضا  لبعض النماذج   المهمة لتقييم  و قياس  رأس  المال الفكري  إستهلها بنموذج SKandia Navigator و الذي يرتبط أساسا  بشركة التأمين السويديّة SKandia  التي كانت  الشركة الأولى التي أعدت تقريرا  سنويا  لتحليل رأس المال الفكريّ  ، بل ذهبت إلى تعيين  Edivinsson   كما يقول المؤلف  مديرا  لرأس المال الفكري  لديها و  الذي قام  مع مجموعة من زملائه  بتطوير هذا النموذج .

و على العموم  رأس المال الفكري  من منظور Edivinsson يعني  " مضامين المعرفة  ، الخبرات العمليّة ،   التكنولوجيا التنظيميّة  و علاقات الزبائن  و المهارات المهنيّة المقدمة  و الضروريّة للمنافسة  في السوق " ، ما يعني  أنه  يتكون أساسا  من رأس  المال الإنساني  و رأس المال الهيكلي .

و التصور الأول لهذا النموذج  كان يرتكزُ  على خمسة مجالات  هي : التركيز المالي  ، الزبوني ،  العملياتي ،  التطوير و التجديد ،  و أخيرا التركيز على الموارد  الإنسانيّة ،  و يتم قياس هذه المكونات  في ضوء 164 مؤشر  قياس موزعة  على 91  مؤشر لقياس  المكونات المعرفيّة  و 73  مؤشر  لقياس المكونات  التقليديّة .
أما عن النموذج  الثاني  الذي تطرق إليه المؤلف  فيتعلقُ بنموذج "BSC" Balanced Scorecard  و الذي يهدفُ إلى تحقيق  التوازن بين  المنظور المحاسبي  التقليدي للأصول غير الملموسة  و النماذج القياسيّة الأخرى  لتقييم الرأس المال الفكري   ، و يضيف مكونات  جديدة عن سابقه   أهمها : متغيرات الإبتكار و التعلم  ، تحسين  نشاط الأعمال ،  علاقات الزبائن .. إلخ .

هذا و يحاول  نموذج "BSC"  أن يربط  عمليّة تقييم  رأس  المال الفكري  برسالة المنظمة  و إستراتجيتها  و ذلك من خلال  ترجمة الرؤية  و الإستراتجيّة  إلى حزمة شاملة  و متنوعة  من مؤشرات  الأداء – يقول المؤلف - ، و يرتكزُ أساسا  على فحص درجة  نجاح المنظمة  في تحقيق  الأهداف الماليّة  و بناء القدرات  الذاتيّة الموجهة  نحو إستقطاب  الأصول غير الملموسة .

 أما عن النموذج  الثالث  الذي  ذكره المؤلف  في سياق إستعراضه  فيتعلق بنموذج SVEIBY أو كما يعرف  بمرقاب الأصول غير الملموسة .
و يقوم النموذج كما يوضح المؤلف على مفهوم  مقابلة الأصول  الملموسة بالأصول غير الملموسة  لإستخراج القيمة  السوقيّة ،  و الأصول غير الملموسة وفق لهذا النموذج هي  الجدارة المحوريّة ،  الهيكل الداخلي  و كذا الهيكل الخارجي .
كل فئة  من هذه الفئات الثلاثة  يتم قياسها  في ضوء  أربعة مؤشرات  أساسيّة  هي النمو  ، التجديد  ، الكفاءة ،  و مؤشر المخاطر / الإستقرار .

في ذات السياق  يؤكد المؤلف  بأن النموذج  المهم  هو الآخر   و الذي يستخدم بصورة  متزايدة من قبل الشركات  الكبيرة هو  نموذج القيمة الإقتصاديّة  الذي قدمه Stewart  في نهاية الثامنينات  ،  و يقول في هذا الصدد : "  هذا النموذج هو بمثابة  أداة تحليليّة و قياسيّة  لفهم و تقييم الإتجاه المالي   الرئيسي للمنظمة  والذي يستهدفُ  تعظيم ثورة حملة الأسهم  ، وهو أيضا مقياس  شامل  للإدارة يربط  ما بين الأداء  من جهة و التخطيط المالي   من جهة أخرى " .
و حسب هذا النموذج  يتم إحتساب  القيمة  الإقتصاديّة المضافة  من خلال المعادلة التاليّة :
Eva= net sales – operating expenses – taxer – capital charg
و التغيرات  التي قد تحصل في هذه القيمة  من شأنها تقدم  لنا مؤشرا  واضحا لمكانة  و تأثير رأس المال الفكري  في المنظمة و كذا  إنتاجيّة المعرفة .

في سياق آخر وقف  الباحث سعد غالب ياسين  على موضوع قوائم رأس المال  الفكري و بالتحديد  تجربة الدنمارك  في هذا الخصوص  على إعتبار أنها الأكثر ريادة  ، و يؤكد على أنَّ قوائم  رأس المال الفكري  للشركة  تتطلب قراءة  منهجيّة تتصل  بثلاثة أبعاد  و بثلاثة أسئلة هي (  الموارد : و كيف  تقوم المؤسسة بحشد موارد المعرفة ؟ ، الأنشطة :  ماذا يجب أن  تقوم به المنظمة  لتعزيز مواردها المعرفيّة ؟  و ثالثا و أخيرا التأثير : ماهو  تأثير إدارة المعرفة في المنظمة ؟ ) و كل من فئات موارد المعرفة  الأربعة من عاملين  ، زبائن  ، عمليات  و تقنيات  تظهر في قوائم رأس المال  الفكري و التي  يتم تقييمها  كما يشير المؤلف في ضوء  معايير التقييم  الثلاثيّة (  الموارد ، الأنشطة و التأثير ) .

هذا و تحدث المؤلف  في السياق  عن أسئلة التحليل  الرئيسيّة  المتعلقة  بإعداد قوائم  رأس المال الفكري  و من ثم نموذج تحليل هذه القوائم  و سبل تطبيقها .[2]

و أخيرا في  المحور السادس  و الذي اختتم به المؤلف دراسته لموضوع "  تقييم  و قياس رأس مال المعرفة " حاول المؤلف  أن يضع يده  على إدارة  رأس المال الفكري  في شركة Dow chemical  كحالة دراسيّة
هذا و تعد شركة  Dow  من أكبر شركات  العلوم و التكنولوجيا  الرائدة في منتجاتها  الزراعيّة  و البلاستكيّة  و الكيماويّة  عالميّا ، و تعتمد  هذه الشركة  المعادلة  التاليّة  لإدارة رأس مالها الفكري :
رأس المال الفكري =  ٍرأس المال الإنسانيّ +  رأس المال الخارجي  ، رأس المال التنظيمي
و لتفصيل  هذا النموذج  يشير المؤلف  إلى أنَّ  الشركة  قامت بتطوير  مدخل لإدارة  الأصول المعرفيّة المعروف  باسم Dow IAM   و هو اختصار  للمصطلح Intellectual Asset Management  الذي يركز على  رأس المال التنظيمي بالدرجة الأولى ، كما  طورت ما سمتهُ  محفظة الأصول  الفكريّة  لتحليل هذه الأصول و إستثمارها  في ضوء إسراتجيّة محددة .

الفصل الخامس : رأس المال الفكري الوطني  و رأس المال الفكري  العربيّ " المعاني و المترادفات "
 في الفصل  الخامس من المُؤَلَف  عكف  الكاتب على تسليط  النور  على موضوع  رأس المال الفكري  الوطني و راس المال  الفكري العربيّ ، أما رأس المال  الوطني  فهو مفهوم مركب  من عناصر   و مكونات تمثل  القيم المخفيّة  للأفراد  ، المشروعات ، المؤسسات و الجماعات  و هي التي  تشكل كم يذهب  إليه المؤلف  المصادر الحاليّة و الكامنة لتكوين الثروة .

و من بين الدول  - يشير الكاتب -  التي سعت  لدراسة  و تحليل و تقييم رأس المال الفكري الوطني  على سبيل المثال لا الحصر  السويد -  ( إسرائيل ) -  و الدنمارك .. إلخ ،  أما على المستوى العربي  فلا يوجد  نزرٌ مهم  من الدراسات   بإستثناء  تقارير التنميّة  الإنسانيّة  العربيّة  ضمن البرنامج  الإنمائي  للأمم المتحدة  و دراسة Bontis  التي صدرت سنة 2002  و الممولة  من قبل  برنامج التنميّة للأمم المتحدة  و المكتب الإقليمي  للدول العربيّة .

ما يعني أن ميدان  تقييم و قياس  و دراسة هذا رأس المال   يحتاج إلى رعاية واسعة  في الدول العربيّة  كي ينمو و يزدهر ، و يقول المؤلف في ذات السياق : "  إنَّ الهدف الجوهري  من دراسة  رأس المال الفكري  ( الوطني )  هو العمل من أجل  تطوير فهمٍ  أعمق و تحليل  أشمل  لتقييم و قياس   أصول المعرفة الوطنيّة  في أي بلد  و ذلك من أجل بناء  و تطبيق إستراتجيات التنميّة الشاملة  و المستدامة في ضوء  تحديد و  تحليل   قدرات المشاركة  في ثورة المعرفة  و الانتقال  إلى مجتمع و إقتصاد  المعرفة الجديد " ،  و يقول دائما " أصول المعرفة الوطنيّة  تمثل من بين ما تمثله من معاني  محور القدرات الوطنيّة  و الكفاءات الجوهريّة الأصيلة للأمة  و التي تعبر عن القوة الحيويّة  الكامنة برأس المال الإنساني و الفكري "  ، هذه القدرات  التي تحدث عنها المؤلف  هي في نظره المحرك الفاعل  للنمو الإقتصادي  و التنميّة الشاملة  المتوازنة  و المستدامة  و لإكتساب  الميزة التنافسيّة  المؤكدة  في عالم اليوم .
في المحور  الثاني المتعلق  بمعنى أصول المعرفة  الوطنيّة  يستند  الكاتب سعد غالب ياسين  على تعريف   Boisot 1998و الذي يرى أنَّ أصول المعرفة  هي وحدات المعرفة التي  يمكن من خلالها  توقع تدفقات  المنتجات  و الخدمات  خلال فترة  محددة من الوقت  مع  الإقرار بصعوبة تحديد هذه التدفقات  مُقدما  على عكس  الأصول الماديّة  التي  تعرف  مسبقا دورة حياتها  و تدفقات  منتجاتها  و خدماتها .

بالإضافة إلى ذلك  يقول المؤلف  : "  إنَّ أصول  المعرفة تتجلى  أولا  بالتكنولوجيا  و القدرات الجوهريّة  من ناحيّة  و بمكامن  الفعل الموجود  عند الأفراد و الجماعات  و النظم الماديّة  و الإجتماعيّة  ذات الأبعاد المستقبليّة  في تكوين القيمة " . ما يعني أن  أصول المعرفة  الوطنيّة حسب المؤلف  دائما  هي تلك  الأصول الثمينة  غبر الملموسة  التي  لا يمكن  تقديرها  أو  قياسها  بالمعنى الرياضي  و الإحصائي  للقياس  على إعتبار  أنها لا تتجلى  بوضوح لدى الجميع .

في سياق موالي  و في المحور الثالث  بالتحديد  يؤكد المؤلف  بأنه يوجد  إلى حد ما فوضى  في إستخدام مصطلحات أصول المعرفة  ، رأس مال المعرفة  ، و رأس المال الفكري  و ذلك في سياق  دراسة و تحليل  رأس المال الفكري الوطني  فهناك من  يناظر المفاهيم  و هناك من يميز بينها .

أما المؤلف  فيرى أنَّ أصول المعرفة  الوطنيّة  هي جزء أساسيّ  من رأس المال الفكري  و ليست منفصلة عنه  و يقول "  أصول المعرفة هنا هي  كل ما يمكن معرفته  و يمكن قياسه  ، بمعنى آخر  إنَّ أصول المعرفة  هي كل ما  يمتلكه  مجتمع ما  من أصول معرفيّة  و فكريّة  ذات قيمة ثقافيّة  ، إقتصاديّة ،  و حضاريّة  و إنسانيّة  و سياسيّة  و إستراتجيّة  و لكنها غير ملموسة  كما هو حال  الأصول الماديّة الأخرى  التي لا تناظرها  بالخصائص  ولكنها   تناظرها  بالإسم و الوظائف ".

هذا و يشير المؤلف دائما  إلى أنَّ  راس المال الفكري  الوطني يعني  أيضا  رأس مال المعرفة  الوطني  الذي هو عبارة عن توليفة  شاملة  و متنوعة  و متكاملة  من المعرفة و المعلومات  و الخبرات و التجارب  التي يمكن إستخدامها  لإنتاج القيمة ... إلخ .

في المحور الرابع  تطرق المؤلف  إلى رصد أهم  نماذج  تقييم و قياس  رأس  المال الفكري الوطني  هذه المرة مؤكدا  في المستهل أن المشكلة  الجوهريّة التي  تواجه عمليّة  تقييم و قياس  رأس المال الفكري الوطني  هو ما سماه رسوخ  اتجاه   نقل نماذج  تقييم  رأس  المال الفكري  للمنظمة ( على  المستوى الجزئي )  إلى  المستوى الوطني الكلي  أو الإقليمي  و إن  كانت هناك قابليّة  لإجراء  ذلك بعد إجراء  مجموعة من التعديلات  الطفيفة  عليه  إلا  أن المشكلة  تبقى  في الترجمة  الآليّة الحرفيّة  لهيكل نموذج  رأس المال الفكري على مستوى المنظمة و نقله  على نحو فجائي  إلى  مستوى التحليل  الكلي .

" على أية حال "   كما يقول المؤلف فإن  الناظر  بتمعن إلى نماذج تقييم  و قياس رأس المال الفكري في حقل إدارة الأعمال سيجد  أن من أكثر النماذج   التي تم إقتباسها  في هذا الحقل  بغرض تطويرها  و إستعمالها  لتحليل رأس  المال الفكري  الوطني  هو النموذج الذي قدم من قبل  EDVINSSON & MALONE  و المعروف باسم Skandia Navigator    و وفق  هذا النموذج  يمكن تصور  رأس المال الفكري العربي  في شكل هرم  يتشكل من مكونات  أساسّيّة  - يشير المؤلف -  تتشعب هذه الأخيرة  إلى مكونات  فرعيّة قياسيّة  تمثل حزمة  متنوعة و متكاملة  من سلاسل  القيمة  التي تساهم  في  إنتاج القيمة  المضافة  لرأس مال  المعرفة أو لرأس  المال  الفكري .

و وفقا لهذا النموذج  دائما  فإن القيمة الإجماليّة  لرأس المال   الفكري  تمثل نتاج  العلاقة بين  رأس  المال المالي  و رأس  المال الفكري  و الذي يتكون  من مكونات  فرعيّة مهمة  هي رأس المال  الإنساني  و رأس المال الهيكلي ،  و  رأس المال الهيكلي  كما يذهب  المؤلف  و الذي يمكن أن يملكه كل المجتمع  يمكن تصنيفه  إلى  رأس مال  الزبون  و رأس  المال  التنظيمي ، رأس المال التنظيمي  ينقسم بدوره  إلى رأس المال العملياتي  و رأس مال الإبتكار .

هذا  و قد حاول Malhotra   كما يشير سعد غالب ياسين  تقييم و قياس  أصول المعرفة  الوطنيّة من خلال  تكييف نموذج Skandia   و وضع مؤشرات  لقياس هذه الأصول ، و قد استخدم منهجيّة  و مقاربة  قياسيّة شبيهة  بدراسة Bontis 2002  و التي تناول فيها قياس أصول المعرفة  في العالم العربيّ  ، و تبدو هذه المؤشرات يقول المؤلف  بصورة عامة متقاربة  إلى حد كبير  و أكثر شمولا  و وضوحا و أسهل إستخداما  لتقييم و قياس رأس المال  الفكري  إلا أنها لا تزال  غير قياسيّة عالميا .

أما عن النموذج الثاني و المعروف  في إطار  تقييم و قياس  رأس المال الفكري الوطني  فهو نموذج  بطاقة الأوزان لكل من Norton و Kaplan   ، هذا النموذج كما يشير المؤلف  شبيه بنموذج Skandia لأنه  منظور متعدد الأبعاد  و المقاييس و يتكون  أساسا من منظورٍ مالي ، زبوني ،  منظور أنشطة الأعمال الداخليّة  و منظور التعلم و النمو .

و لقد حاول صاحبا هذا النموذج شرح منهجيّة  قياس الأصول غير الملموسة  الإنسانيّة ، المعلوماتيّة ،  و التنظيميّة التي  بتكاملها و تفاعلها تشكل   رأس المال الفكريّ  ،  أما الأصول  الإنسانيّة بالنسبة لهم فتضم  المهارات  ، التدريب  و المعرفة  بالتكنولوجيا  لدى العاملين  أما رأس المال المعلوماتي  فيتضمن النظم ، قواعد البيانات و الشبكات  ، في حين أن رأس المال التنظيمي  يتكون من مفاهيم الثقافة  ، القيادة ، فريق العمل  و الإلتزام نحو الأهداف ، و قيمة هذه الأصول كما يقول الباحث  تأتي من تأثيرها المباشر  على عمليّة  تحقيق  الميزة الإستراتجيّة للمنظمة  أو المجتمع  و بالتالي فإن  قياس  رأس المال الفكري  يعتمد على جميع  هذه الأصول  التي تساهم في إنجاز الإستراتجيّة  التنظيميّة  ، هذا و قد أخذَ  المؤلف  على هذه النماذج  و أخرى ذات صلة  مجموعة من  الحيثيات .[3]

أما عربيا هذه المرة  و في المحور الخامس  تطرق المؤلف  إلى تقييم  رأس المال الفكري  العربي  و لعل ما قاله في الأسطر الخمسة الأولى  من هذا المحور يلخص الفكرة الجوهريّة له ، يقول الباحث :"  من المؤسف القول أن حقل تقييم و قياس رأس المال الفكري العربي  من منظور قوي شامل  لا يزال بعيد  المنال بل و غائبا  عن إهتمام الباحثين بإستثناء محاولات نادرة  قامت بها الوكالات المتخصصة  للأمم المتحدة  و  التي أصدرت  سلسلة من تقارير  التنميّة الإنسانيّة  العربيّة بالإضافة  إلى دراسات  البنك الدولي  في مجال تكنولوجيا المعلومات  و إقتصاد المعرفة " .

هذا و في المحور السادس عكف  الباحث هذه المرة  على الإحاطة  بنموذح  Bontis لتقييم رأس المال الفكري  في الدول العربيّة  ، هذا النموذج  الذي إعتمد بالأساس  على نموذج Skandia Navigator مع بعض من  التعديلات و التكييفات  فيما يتعلقُ  بمؤشرات القياس  و منهجيّة  التطبيق في ضوء  ما هو متاح من إحصائيات ، و شملت هذه الدراسة  عشرة دول عربيّة  هي : الجزائر  ، مصر ، الأردن  ، الكويت ، المغرب ،  عمان ،  المملكة العربيّة السعوديّة  ، السودان  ، تونس و اليمن  ، أي أن العينة  كما يقول الباحث شملت أقول  من نصف  عدد الدول  العربيّة الأعضاء  في جامعة الدول العربيّة ( 22 دولة ) ، هذا و يتكون  هذا النموذج من المكونات الأساسيّة التاليّة : رأس  المال الماليّ (  الثورة الماليّة )  ، رأس المال الإنساني ،  رأس المال  العملياتي  ، رأس المال السوقي  و أخيرا  رأس مال التجديد .

و في إطار غلقه  لفصله الخامس دائما  ذهب المؤلف  لتسليط الضوء  على تقييم رأس المال الفكري  في ( إسرائيل )  كحالة دراسيّة  ، هذه الأخيرة التي أعدت  تقييما شاملا  لرأس المال الفكري يتكون أساسا  من أربعة عناصر جوهريّة  هي : رأس مال السوق  ، رأس  مال العمليّة  ، رأس  المال الإنساني ،  و كذا رأس مال التطوير  و التجديد .

 أما رأس مال السوق فيتم قياسه من خلال المؤشرات التاليّة ( الإنفتاح نحو العولمة ،  الميزة  التنافسيّة ، و إستضافة الأحداث الدوليّة ) ، أما رأس مال العمليات  فيضم المكونات الجوهريّة التاليّة (  الحوسبة و الإتصالات  ، نطاق إستخدام الأنترنت  ، خدمات الإتصالات  ، نطاق إستخدام البرامج  ، التعليم ،  فعاليّة التعليم ، جودة التعليم العالي) ،  و أخيرا  رأس المال الإنساني  و يقاس  بـــــ ( قوة العمل ذات  تعليم عالي ،  المرأة في قوة  العمل المهنيّة ،  الثقافة ،  الصحة  ، العمر المتوقع  ، رأس مال التطوير و التجديد  ، الميزة العمليّة الإسرائليّة ) .

الفصل  السادس :  إستراتجيّة المعرفة

 في الفصل السادس – ما قبل الأخير -  من هذا المُؤلف  تناول  سعد غالب ياسين  موضوع عمليّة  صياغة و تطبيق  إستراتجيّة المعرفة في المنظمة  انطلاقا  من ما سماه  مدخلا نظاميا  في منهجيّة تحليل  بيئة المنظمـــــ ـــــــ ـة  ( الداخليّة و الخارجيّة )  و تحديد معالم الفجوة  الإستراتجيّة للمعرفة  ، هذه العمليّة التي ترتبط  بصورة عفوية  بإستراتجيّة الأعمال الشاملة  و تعبر عنها  في الوقت نفسه " يقول المؤلف " .

 في المحور الأول  من هذا الفصل  همَّ الباحث  لتوضيح العلاقة البنيوية  المتضاعدة بين إستراتجيّة الأعمال الشاملة  و إستراتجيّة المعرفة  ، أما عن الأولى  فهي نتاج  عمليّة الإدارة الإستراتجيّة  التي تستهدف  إنجاز  رسالة المنظمة من خلال  إدارة و توجيه علاقة المنظمة  مع بيئتها ما يعني  أنها ثمرة الإدارة الإستراتجيّة  التي تتكون من  سلسلة  أنشطة و قرارات  لتنميّة و  تطوير  علاقة  المنظمة   مع بئيتها  و إدارة محفظة  أعمالها لضمان  تحقيق الأهداف  الإستراتجيّة المرغوبة  ، في حين أن إستراتجيّة  المعرفة هي خارطة  طريق  لإستقطاب و لتكوين   و تخزين المعرفة  و المشاركة فيها  و توزيعها  لتحقيق قيمة مضافة  من عمليّة إستثمار موارد  المعرفة و رأس المال الفكري . 

و على العموم يقول المؤلف  " يصح القول  أن إستراتجيّة المعرفة  هي إحدى الإستراتجيات الوظيفيّة  التي يتم تطويرها  في ضوء إستراتجيّة  الأعمال الشاملة  ذلك لأن إستراتجيّة  المعرفة  لابد أن  تعبر بوسائل  و تقنيات مبتكرة  عن رؤية  و رسالة و أهداف   تستشرف واقع  و مستقبل المنظمة  في الصناعة  من منظور ما  تمتلكله  من موارد  و أصول معرفة  و رأس  مال فكري " .

هذا  من ناحيّة التضاعد و التلاقي ، من ناحيّة  التميز إستراتجيّة الأعمال الشاملة كما يذهب  سعد غالب ياسين  تهتم بالأداء الكلي  للمنظمة  و ترتكز على  منهج التحليل البيئي  و التنافسي  لتحديد مكانة المنظمة  في السوق و الصناعة  كما تحاول تحديد  الفجوة الإستراتجيّة  بين  ما تقوم به المنظمة  و ما بتحليل  الفجوة المعرفيّة  بين المعرفة  التنظيميّة المتاحة  و المعرفة المستهدفة  لضمان سد  الثغرات  و تحقيق قيمة فريدة  و إستثنائّية    لمنتجاتها و خدماتها .

هذا و بعد رصده  لمواطن  الإختلاف  بين مفهوم الإستراتجيّة  المرتبط  بعمليّة  الإدارة الإستراتجيّة  و بين مفهوم   فجوة المعرفة  المرتبط بأنشطة  و عمليات إدارة  المعرفة ذهب المؤلف في المحور الثاني  لرصد أبرز  خصائص إستراتجيّة  المعرفة نذكر منها ثلاثة :

1.     تعبر إستراتجيّة  المعرفة عن جاهزية  المنظمة  و إستعدادها  لإستثمار الموارد و الأصول  غير الملموسة  و بصورة خاصة  رأس المال الفكري .
2.     ضمن هذا السياق يقول المؤلف بأنه بالإمكان القول  أن إستراتجيّة المعرفة   يجب أن تعكس الإستراتجيّة التنافسيّة للمنظمة  من خلال تركيزها على  أنشطة و عمليات  تكوين القيمة  الفريدة للزبائن  و شركاء ا أأنلأعمال .
3.    تمثل إسراتجيذة المعرفة قيمة  رأس المال الفكري الموجود في المنظمة  و بالتالي يمكن إستخدام هذه الإستراتجيّة  كأداة  لقياس العائد  الذي يتحقق  في ضوء  تكلفة الإستثمار  في مكونات و عناصر  رأس  المال الفكري .

هذا و يؤكد المؤلف  في سياق موالي " المحور الثالث "  أنه توجد  توليفة متنوعة  و متكاملة  من القوى و العوامل المحفزة  لتطوير إستراتجيّة  المعرفة  منها على سبيل المثال  لا الحصر : 1 . وجود  إستراتجيّة شاملة  للأعمال ، 2.  ابتكار  المنتجات و الخدمات ، 3 .  المرونة التنظيميّة ، 4 .  تحديات و فرص  الأسواق  و إحتياجات الزبائن  و المستفدين .

من جهة أخرى  و في حديثه عن ما سماه  " نموذج  إستراتجيّة  المعرفة "  أكد المؤلف  أن نموذج porter للقوى الخمسة  الخاصة بتحليل  هيكل المنافسة  و مصادر الميزة التنافسيّة  في بيئة الأعمال  شكل تحولا  جوهريا في  الفكر الإستراتجي  الإداري  منذ منتصف  الثامنينات  من القرن الماضي ،  خاصة و أنه في نظر  بعض العلماء  و الباحثين  يبدو مفيدا  جدا  كإطار  عام أكثر  من النماذج الأخرى  في التعبير عن الملامح الأساسيّة  لإستراتجيّة المعرفة .

و في هذا الضوء يرى . Jones  Peter  .Hكما يشير المؤلف  أن نموذج إستراتجيّة المعرفة التنظيميّة   يتشكل أساسا  من أربعة قوى  و عوامل مؤثرة  هي :  موارد المعرفة التنظيميّة  ، القدرات  و الجدارات الجوهريّة  ،  الموارد الإستراتجيّة  لشركاء  الأعمال و أخيرا  المعرفة بالزبائن   و هو النموذج الذي يشبه  إلى حد كبير  من حيث الإطار العام  نموذج " بورتر "  للميزة  التنافسيّة .

و هذا النموذج عموما  يستند على فكرة  دمج  نظرية الموارد  بالمعرفة و التعبير عم هذا التكامل  بعوامل و قوى أربعة  تشكل أبعاد إستراتجيّة المعرفة  ، هذه القوى يرى المؤلف  بأنه  إذا ما تم إضافة  متغير  عمليّة إدارة المعرفة  و وضع هذا المتغير في قلب هذا النموذج  المقترح فلسوف  يتكامل  النموذج الجديد  " من وجهة نظرنا  يقول المؤلف "  و الذي يقول في موطن آخر  " إقتراحنا  بوضع متغير عمليّة إدارة المعرفة  في قلب النموذج ينطلق  من إدراك  راسخ مفاده  أنَّ  أي نشاط منظم  لصياغة و تطبيق إستراتجيّة المعرفة  في المنظمة لا يمكن عزله  عن توليفة الأنشطة  المنهجيّة التي تقوم  بها إدارة  المعرفة لتنفيذ  عمليات  إستقطاب المعرفة  ، تكوين و إبتكار المعرفة  ، توزيع  و نقل المعرفة  و المشاركة بالمعرفة التنظيميّة  مع العاملين و المستفدين " .
في سياق آخر  تناول المؤلف في المحور الخامس عمليّة "  تطوير إستراتجيّة  المعرفة "  مؤكدا في المستهل  أن أهم التحديات  التي تواجه  الإدارة في هذا الصدد  كمشكلة إدراك  و فهم  محفظة  المعرفة التنظيميّة  و ضرورة تقييم  عناصر و أبعاد  فجوات المعرفة  في داخل المنظمة .. إلخ .

و على العموم تتكون  عمليّة تطوير  إستراتجيّة المعرفة  كما يردف الباحث  من المراحل و الخطوات  الأساسيّة التاليّة :
أولا : تحليل  بيئة الأعمال  و صياغة الرؤى  و الأهداف  الإستراتجيّة  ، و يتم في هذه  المرحلة  تحليل  البيئة  الخارجيّة للمنظمة  و حدودها و علاقاتها  الماضيّة و الحاليّة  مع بيئتها  و مكانة المنظمة  في السوق  و هيكل الصناعة .. إلخ .
و لإستكمال  هذا التحليل  يقول المؤلف  لابد من تحديد  أصحاب المصلحة  المستفدين و إحتياجاتهم  و أبعاد تطلعاتهم  و طموحهم  في بناء  المنظمة   و كذا محاولة فهم  و تحليل شبكة  القيمة المضافة  و المكونة  من سلاسل القيمة  لشركاء  الاعمال من الموردين   و المشترين .. ألخ ، فضلا  عن  تنفيذ تحليل swot  و الذي  يعمل على تحليل  نقاط القوة  و الضعف داخليا – داخل المنظمة -  و الفرص  و التهديدات  خارجيا .

ثانيا ،  تحديد مجالات المعرفة  ذات العلاقة  بأنشطة الأعمال و تستخدم في هذه المرحلة  تقنيات متنوعة  لتحديد مستويات  المعرفة و أماكن  تجمعها كبناء  خرائط المعرفة  و بناء مخططات التفكير  و تقنيات التجميع و غيرها  ،  و مجالات المعرفة  كما يذهب المؤلف  هي " المجالات الوظيفيّة  أو الإداريّة التي ترتكز  فيها المعرفة الجوهريّة  المميزة و التي   تقدم قيمة  مضافة حقيقيّة  إلى منتجات و خدمات  المنظمة " .

ثالثا ،  تحديد مؤشرات  الإنجاز الأساسيّة لأنشطة الأعمال  و ذلك لفهم العلاقة بصورة دقيقة  و مفصلة بين فجوات   المعرفة و الأعمال و بالنتيجة  سيكون فريق  تطوير إستراتجيّة  المعرفة – يشير المؤلف -  ملما بحزمة  من المؤشرات الأساسيّة  لقياس الإنجازات الموزعة  على عديد المجالات (  ماليّة ن خاصة بالزبائن ،  سوقيّة ، مؤشرات  منتجات ،  أو خدمات   و أخيرا  مؤشرات رأس المال الفكري ...  إلخ .

رابعا : تحليل مجالات المعرفة في ضوء  تأثيرها الحالي  و المستقبلي  على مؤشرات الإنجاز  ، ضمن هذا السياق  يحاول فريق  تطوير  إستراتجيّة المعرفة تقديم إجابات  مفصلة على الأسئلة التاليّة  :
1.     ما هو  التأثير  الحالي   لمجال  المعرفة   على إنجاز  الأنشطة الأساسيّىة  لأعمال المنظمة ؟
2.     ما هو التأثير   المتوقع  لمجال المعرفة على مستوى  الإنجاز  لأنشطة الأعمال   في الوقت الحالي  و في المستقبل  المنظور و غير المنظور ؟
و تستخدم  في هذه المرحلة  أساليب متنوعة  لإنجاز حيثياتها .[4]
خامسا ،  تقييم مجالات المعرفة  في ضوء  معايير محددة  ، و في هذه المرحلة كما يشير المؤلف  يتم  تقييم مجالات  المعرفة  في ضوء  معايير مهمة  تختارها المنظمة بعد مراجعة  المعايير العالميّة لصناعة  أو لأنشطة الأعمال .

أما سادسا :  و أخيرا  فيتم صياغة و إستكمال  الملامح  الأساسيّة  لإستراتجيّة   المعرفةة و تصميم  البرامج  العمليّة التي  سوف يتم تنفيذها  لدعم أنشطة  تطوير  مجالات المعرفة  الجوهريّة في ضوء  الأهداف  التنظيميّة المرغوبة .

في سياق آخر  لفت المؤلف  نظر القارئ  في المحور السادس  من هذا الفصل  إلى نموذج SVEIBY  لإستراتجيات المعرفة  ، و يرى SVEIBY  " يقول  المؤلف "  أن كل إستراتجيّة للمعرفة  يجب أن تعمل على تكوين   قيمة من خلال  العلاقات النظاميّة  بين ثلاث عائلات  من الأصول  غير الملموسة  و هي  الهيكل الخارجي  ، الهيكل الداخلي ،  و الجدارة الفرديّة  ، و التفاعلات بين هذه العائلات  تشكل كما يرى SVEIBY  عشرة إستراتجيات  لنقل المعرفة  نذكر منها "  إستراتجيات نقل المعرفة بين الأفراد ،  نقل المعرفة  من الأفراد  إلى الهيكل الخارجي ،  نقل  المعرفة من  الهيكل الخارجي إلى الأفراد .. هلم جر " .

هذه الإستراتجيات  يشير المؤلف  إلى أنها  موجودة في معظم  المنظمات التي تعتمد  برامج و مشرووعات  إدارة  المعرفة  و تستخدم الإدارة مهاراتها  لتنسيق العمل  مه هذه  الإسراتجيّة  لذلك لا يجب النظر  إلى أن إستراتجيات SVEIBY  و كأنها خيارات تنظيميّة  مستقلة على العكس   لابد من تصورها  بإعتبارها  خيارات  متكاملة   للمؤسسة من أجل تعظيم  القيمة المنتجة   لزبائنها   و المستفدين  من منتجاتها و خدماتها .

في المحور التالي  " السابع "  و الذي  جاء تحت عنوان   " رؤية  إستراتجيّة لإقتصاد المعرفة  ، إدارة المعرفة  و شبكات القيمة "  حاول المؤلف توضيح  العلاقة القائمة  بين إقتصاد المعرفة  و إدارة المعرفة  مشيرا  أن الثانيّة انتبثقت  من الأول [5] ، هذا من جهة ،  من جهة  أخرى حاول  ربط العلاقة  بين إدارة المعرفة  و شبكات القيمة  " سلاسل القيمة "  و من ثم تحولات  القيمة  بإدارة المعرفة  و أخيرا  قدم تحليلا  لشبكة القيمة  و الخاص بشركة Quicken .com  .

و في المحور النهائي  لهذا الفصل  اختتم المؤلف  كالعادة  بحالة دراسيّة  تعلقت هذه المرة  ببرنامج  إدارة المعرفة  في شركة NOKIA   و الذي اعتمدته  هذه الأخيرة لنقل  الشركة  من الهيكل الهرمي  التقليدي   إلى منظمة شبكيّة  ساعيّة  للتعلم إنطلاقا  من قناعة راسخة  تشير إلى أن نجاح العالم – يشير  المؤلف -  لا يمكن أن يتحقق  إلا من  خلال   الكفاءة و الفعاليّة العالميّة  ، التعلم عبر الحدود  التنظيميّة  و كذا المرونة و الإستجابة المحليّة .[6]

الفصل  السابع :  تحديات  تطبيق إستراتجيّة  إدارة  المعرفة  في البيئة العربيّة

 في إطار إنبثاق  إقتصاد المعرفة  مع إطلالة  القرن الواحد و العشرين  أصبح  وجود إدارة المعرفة  في الوطن   العربي  شرطا  جوهريا لقيادة  عمليّة التحول  إليه "  يشير المؤلف "  ، فما هي  إدارة المعرفة  في ظل إقتصاد المعرفة ؟

في العنوان الأول  من المبحث رقم 1  من هذا الفصل   تطرق الكاتب  إلى مفهوم و معنى  "  إقتصاد  المعرفة  " مؤكدا  في مجمل حديثه  أنَّ  معظم الدراسات  التي تناولت إقتصاد المعرفة قد  توزعت على مدخلين  أساسيين هما  المدخل الجزئي  و المدخل الكليّ  أما المدخل  الجزئي Dominique Foray الذي يتبناه  يميز   بين إقتصاد المعرفة  ، إعادة إنتاج المعرفة  و إستخدام المعرفة من خلال   عمليات التعلم  و التعليم و البحث و التطوير  بينما يذهب المدخل  الكلي كما يشير  الباحث إلى ضم  إقتصاد المعلومات  و نظرية القرارات إلى إقتصاد المعرفة ، و في نقطة لاحقة و أثناء  حديثه  عن مفهوم  إقتصاد المعرفة  مقابل  إقتصاد  المعلومات أكد  المؤلف  في المستهل  أنَّ المشكلات  الإقتصاديّة المرتبطة  بالمعلومات  تفرق على  نحو جوهري  عن المشكلات الإقتصاديّة   التي ترتبط بالمعرفة ، و يقول في هذا الصدد "  إن التمييز  بين إقتصاد المعلومات  و إقتصاد  المعرفة له  ما يبرره  على مستوى النظريّة و والواقع  لكن من ناحيّة أخرى لا يمكن  فصل  إقتصاد المعلومات  عن إقتصاد   المعرفة  مثلما لا يمكن  فصل  المعلومات عن المعرفة  ، و بالتالي  و مع إدراك  هذه الحقائق  يمكن القول  أنَّ إقتصاد المعرفة  يُجبُّ  إقتصاد المعلومات  و يتجاوزه "   ، ما يعني  أنه يمكن دمج المدخل  الكلي  و الجزئي  في منظور واحد  يتضمن  حقل إقتصاد  المعلومات  ، حقل إدارة  المعرفة  و حقل التعليم  و التحديث و التطوير  و نظم الإبتكار .

في النقطة الثالثة  تحدث سعد غالب ياسين  عن صناعات  المعرفة ،  هذا الحقل الواسع  المتعدد المجالات  و متنوع التطبيقات  و الذي يمتد  ليشمل المكونات  الأساسيّة  التاليّة "  صناعة تكنولوجيا المعلومات و الاتصال  ، صناعة التعلم و التدريب و الإستشارات  ،  الصناعات الكثيفة المعرفة  ، و صناعة الخدمات كثيفة المعرفة " .

في المحور الثاني  من الفصل السابع  الأخير تطرق المؤلف  إلى تقديم  تحليل  لجاهزية الدول العربيّة للتحول  نحو إقتصاد المعرفة  و في مجمل ما ذكر  أن وصول الدول العربيّة  إلى إقتصاد المعرفة  يعني ضمنيا الوفاء بمتطلبات  إدارة المعرفة  و معايير  تطوير مجتمع المعلومات  و المعرفة  ، و قد قدم البنك  الدولي  " يقول المؤلف "  دراسة  لتحليل جاهزيّة  الدول العربيّة  لإقتصاد المعرفة في ضوء  مؤشرات قياسيّة تتكون  من 31 متغير  و قع عليها الإختيار كمعايير  لقياس الأداء الحالي  لإقتصاديات  الدول العربيّة  التي ضمت الجزائر ،  مصر ،  الأردن ،  الكويت ،  المغرب ،  المملكة العربيّة السعوديّة  ، تونس و اليمن  و ذلك في فترة ما بين ( 1995 – 2001 )  ، هذه الدراسة  التي أفضت على سبيل المثال  إلى أن معظم الدول  العربيّة  لا  تزال  بعيدة جدا   عن إستخدام  تكنولوجيا الاتصالات   و المعلومات  لتطوير  نظم  التعليم و تحديثها .

في المحور  الثالث  فتح المؤلف  هذه المرة قوسا  عن أهم التحديات  التي تواجه تطبيق  برامج إدارة المعرفة  في البيئة العربيّة  و أجملها أساسا في التحديات  الثقافيّة  و الإجتماعيّة  ، أما عن هذه التحديات  فتأخذ  وجودها أساسا  من مجموعة من العوامل  على غرار  التشكل الكاذب  للوعي عند الإنسان العربي  و الذي يرتبط  بتوهم  الواقع  لدى  الأفراد  و مقابلة المعرفة  الجاهزة  بالواقع  الذي نتخيله و ليس  الواقع  الذي نعيش فيه  و نريد  تقديم  إجابات لأسئلته  ، و كذلك  هناك تحدي الخروج  من دائة البطل  الملهم  و الذي يعني " يقول المؤلف "  بصورة أو أخرى  الخروج من القداسة المزيفة للمعرفة  المشخصنة بالأنا  العليا التي يمثلها  المدير  في الإدارة العربيّة  أو الحاكم  أو الولي  ، هذا من جهة من جهة أخرى لابد  للعرب  على حد  تعبير المؤلف الخروج  من  السجن الإديولوجي  " الفتوحات  العلميّة الغربيّة )  إلى فضاء  المعرفة كي  يستطيعوا  الإستفادة  و ممارسة  إستقلاليّة  العقل العربي  المتحرر   ، فضلا عن وجود  كذلك  النقد الذاتي  لدى العقل العربي  و بروز  النزعة الإختزالية  لهذا العقل   في تعامله  مع الأشياء  و معطيا  الفكر و حقول المعرفة   ، زيادة  عن ضرورة  الإنتقال  إلى المعرفة  و الثقافة المكتوبة  و مغادرة خطاب الهيمنة  إلى خطاب المعرفة  الذي لا  يقوم  على المواقفة  و إنما على  المخالفة  و إستثارة  الرأي الآخر   و التساؤل المستمر  للتزود  بالصدق و اليقين  ، و كذا الإنعتاق  من النظام  البطريركي  الهرمي  و الذي  كانت  لا توجد فيه مشاركة  في المعرفة  و إنما  إستلام  و قبول  ما يقره و يلزمه  البطريك الأب أو الشيخ  أو المدير أو المعلم أو الحاكم .

النوع الثاني من التحديات   يتعلق بالتحديات  العلميّة و التكنولوجيّة  و التي تجتمع أساسا  في الفجوة  الرقميّة العربيّة – الغربيّة أو العربيّة – العربيّة  هذا و قد استظهر المؤلف للقارئ  مجموعة من المؤشرات  التي توضح بجلاء  حجم و طبيعة  و نوع  الفجوة الرقميّة  سواء ع/ غ أو ع/غ   في جميع  مجالات و حقول  ثورة  تكنولوجيا  المعلومات و الإتصالات  ناهيك عن التحول  إلى مجتمع  المعلومات و  المعرفة  و الإقتصاد  المبنيان  على  اللاملوسات  من المعرفة  ، المعلومات ، البرامج  و غيرها .

فضلا  عن هذه الفجوات  يذهب  المؤلف إلى أنه  يوجد ضعف  واضح في  النظام التعليمي  و البحثي العربيّ  و يقول في هذا الصدد "  يمكن القول أن نظ التعليم  العالي  في الدول العربيّة  تحتاج إلى إعادة  نظر  على مستوى  الرؤية الإستراتجيّة  و الخطط الإسراتجيّة الوطنيّة  لتلبيّة الإحتياجات  التعليميّة  للمواطنين مدى الحياة   و مواكبة النمو المتواصل للمعرفة الجديدة .

هذا و تطرق  المؤلف  في النقطة الأخيرة من الكتاب  و في ذات السياق  إلى العوامل التمكينيّة  لتعزيز  دور التعليم  في مجتمع  و إقتصاد   و إدارة  المعرفة  و من بين ما ذكر  في عرض يغلب عليه التلخيص:

1.    ضرورة  وضع  و بناء رؤية إستراتجيّة  للتعليم العالي  العربي  تقوم على تحقيق  التلاقح   البنيوي   للتوليفة التاليّة " التنميّة المستدامة  ، التنميّة  الإجتماعيّة  ،  و التنميّة الإقتصاديّة  المستدامة " .
2.     ضمن خلق التوازن بين  الحداثة  و ما سماه المؤلف  العوربة  في مؤسسات ال تعليم العالي من خلال  إختيار  حاسم و واضح  للمرجعيّة التعليميّة  التي حددتها بعض  الدول  العربيّة .
3.    الإنتقال  إلى  الإستراتجيات الجديدة  في التعليم و التي تقوم  على منظور التعليم مدى الحياة .
4.     يقول المؤلف : "  ربط إستراتجيات  التعليم بمبادرات  جادة  لنسج  التفاعل  بين المجتمع  الأكاديمي  و الصناعة من جهة  و العمل على سد  الفجوة بين  الجامعة و الصناعة  في المنظور  و الإحتياجات  و وسائل العمل " .
5.     تحويل  مؤسسات التعليم  و بصورة خاصة الجامعات  إلى حاضنات  لمشاريع  صناعات   المعرفة .


قراءة شخصية للكتــــاب 
" Knowledge Management is about capturing, creating, distilling, sharing and using know-how. That know-how includes explicit and tacit knowledge. […] It is not about books of wisdom and best practices, it’s more about the communities that keep know-how of a topic alive by sharing what they know, building on it and adapting it to their own use. […] Call it performance through learning , shared knowledge , or simply working smarter" .

                                                                                  C. Collison and G. Parcell
لقد أدت العولمة إلى إسقاط حواجزِ المسافات و الزمن و فَتحِ كل منافذِ تَدفقِ المعلوماتِ و المعرفة على إختلافِ أشكالها  من خلال شبكاتِ تواصلٍ عديدة ربطت  كلَّ البشرِ في حلقةٍ واحدة أتاحت لهم التفاعل و التبادل و فُرصًا واسعة للتعلم  و بناءِ معارفٍ مُتنوعة ، و نتيجة لهذا الواقعِ المُعاش  اتجهت المنظمات إلى تنظيمِ و توظيفِ ما تتوفرُ عليهِ من الخبرات و المهارات و المعارف الصريحة و الضمنيّة المتراكمة لدى العاملين للإستفادة القُصوى منها في  تحقيقِ أهدافها  الإستراتجيّة العامة و هو الأمر الذي زاد من أهميّة مفهوم إدارة المعرفة لما يترتبُ عنه من عوائد إيجابيّة للمنظمة سواء في نواحي تحسين  مناخ العمل  أو تحسين الموقف التنافسيّ أو زيادة الإنتاجية و الكفاءة و الفعاليّة و تحسين الآداء .

هذا و لأننا  نعيش  اليوم  في خضم هذا  المجتمع المعرفي  الذي تسوده المعلومات و تقوده المعرفة  أصبح – لا مراء -  للعنصر البشري  دورٌ  قيادي  في هذا العصر بإعتباره  المورد الأساسيّ الأوّل  لتلك المعرفة  سواء بما يختزنه  دماغه  من خبرات ضمنيّة  مضمرة لا يمكن  لأعتى البرامج  و العقول الآليّة أو الإلكترونيّة مجابهتها  أو من خلال  بوحه  بهذه المعارف   و التصريح بها  في  عديد القوالب  المرمزة  الواضحة للجميع.

و قبل  أن نتغلل  في الحديث  عن الكتاب  و الذي يعد  في نظرنا  من أهم المُؤلفات  التي يسرت  علينا  فهم  المفاهيم و النظم  و التقنيات  المتعلقة  بإدارة المعرفة سنعكف  في المستهل  على رصدِ  نزرٍ  من التحديدات  التي تناولت  المفهوم  و التي لم يشر إليها البروفسور سعد  غالب ياسين  لأن تسليط  الضوء عليها  لم يدخل  أساسا ضمن  مراميهِ  من تأليف هذا الكتاب .

على كل حال  ،  إدارة  المعرفة كما يراها  عالم الإدارة  كارل وييج " WIIG  "  هي  "مجموعة  من المداخل  و العمليات  الواضحة  و المحددة على نحوٍ  جيد تهدفُ  إلى  إكتشاف   وظائف المعرفة  ، سواءا  الإجابيّة منها  أو السلبيّة  في مختلف  أنواع العمليات  و إدارتها  ، و تحديد  المنتجات  و الإستراتجيات  الجديدة و تعزيز  إدارة الموارد البشريّة  و تحقيق  عدد  آخر من الأهداف  الأخرى المراد  تحقيقها " .[1]

 هذا و يضيف  بسام  عبد  الرحمان يوسف  بأنَّ  إدارة المعرفة  هي "  الجهد  المنظم  الواعي الموجه  من قبل  المنظمة  من أجل  إلتقاط  و جمع  و تصنيفِ  و تنظيم و خزن  كافة أنواع  المعرفة ذات العلاقة  بنشاط تلك المنظمة  و جعلها  بذرة  للتداول  و المشاركة  بين أفراد  و أقسام  و وحدات المنظمة  بما يرفع كفاءة  اتخاذ  القرارات  و الأداء التنظيمي  " ، أما إدارة المعرفة عند الكبيسي  فهي "  المصطلح   المعبر  عن العمليات  و الأدوات و السلوكيات  التي يشترك  في  صياغتها  و أدائها المستفدون  من المنظمة  لإكتساب   و خزن و توزيع  المعرفة  و عكسها  في عمليات الأعمال  للوصول إلى  أفضل التطبيقات  بقصد  المنافسة  طويلة الأمد  و التكيف  " .[2]

 هذا  و تنعكس  الرؤى  المختلفة للمعرفة  التنظيميّة  و طبيعتها  على مداخل  إدارتها  كما يذهب إليه " العلواني "  ، و يمكن التمييز  في هذا الإطار  عموما بين  أربعة مداخل  رئيسيّة ،  أولها  مدخل إقتصادي يجعل  من إدارة المعرفة  مرادفا  لرأس المال الفكري  أو إعتبارها أحد عناصره  ، و ينطلق الثاني من كون المعرفة  بُنيانا  إجتماعيا ، أما المدخل الثالث  فينظر إليها  بمنظور مادي  كشيء بالإمكان  تخزينه و تصنيفه  و تداوله  بإستخدام  تكنولوجيا المعلومات  ،   في حين أن المدخل الرابع  إداريّ  يركز على إدارة  المعرفة  بإعتبارها process .[3]

أما نحن فإننا  نتفق مع المؤلف  سعد غالب ياسين  حين يقول  " إن المعرفة  التي نقصدها  و نحاول  تقديم نظرة  منهجيّة  لمداخل تنظيمها  و إدارتها  هي أي معرفة (  تنظيميّة أو غير تنظيميّة )  مفيدة للتقدم  الإنساني  في أي مجال  من مجالات الحياة " ، و حين يردف "  كل معرفة مفيدة  تحتاج إلى إدارة  سواء كانت  معرفة  بأساليب التربيّة  أو معرفة  التقانة  و تطبيقاتها  ، أو معرفة لسبر أغوار  الفضاء  و أعماق  المحيطات أو  معرفة  بالإنسان  أفرادا و جماعات  ، أي المعرفة  التنظيميّة  التي  ترتكزُ  على إستثمار و إدارة  رأس المال الفكري  في داخل المنظمات  الخاصة و العامة ". ( ص 28 )

 و الأمر الذي لا مراء فيه  أن التحول  النهائيّ  اتجاه هذه الإدارة  أصبح حتميّة ضروريّة  لمجتمعنا العربي  نظرا  لما ستحققهُ  من فوائد  جمة  كتحسين  القرارات في المنظمات  و تنفيذ تلك القرارات  التي تم إتخاذها بطريقة مُثلى  ، فضلا عن  تحسين  قدرات الموظفين  فيما يتعلق  بوظائفهم  و الوظائف  الأخرى القريبة إلى مهامهم  .. إلخ من  الفوائد  المُحققة  نتيجة التحول .

و لقد جاء هذا الكتاب  ليصل بالقارىء  إلى معرفة شاملة  بإدارة المعرفة  و نظم  إدارة المعرفة  بلبنة جديدة  و بلغة غير تقليديّة –كما يقول سعد غالب ياسين -  تجمع  ببساطة بين  نظريّة إدارة المعرفة  و تكنولوجيا المعلومات  خاصة  و أنّه مع  سنة تأليف الكتاب  " 2007 "  كانت لازالت  معارف  الأفراد  بإدارة المعرفة  و مختلف مداخلها  ناقصة  و سطحيّة ، و إن لازالت  إلى يومنا  هذا مارس 2015 و لو  على نحو نسبي .

إنَّ   كتاب " إدارة  المعرفة  : المفاهيم  ، النظم  ، التقنيات "  بمثابة الأرضيّة السهلة  " سهل ممتنع " لفهم المعرفة  سواءا أساسياتها ، دورة حياتها  ،  نظم  إدارتها  و أساليب و أدوات  تقييم و قياس رأس المال المتعلق بها  عالميا و عربيا  ، و أخيرا  إستراتجيتها  و التحديات  التي تواجه  تطبيقها في البيئة  العربيّة ، و هنا لابد من القول .. الأهميّة الأساسيّة لهذا  المؤلف تكمن في تناوله  موضوع  إدارة المعرفة في  البيئة العربيّة  و إخضاع  هذا الموضوع  للبحث و الدراسة على هذا النحو  يبقى إيجابيا  جدا  لأنه  يجلبُ له المزيد  من الإهتمام على  المستويين  الفكري و التطبيقي .

من ناحيّة أخرى  تثمن هذه الدراسة  المفصلة  رأس  المال  البشري  بإعتباره  نقطة البداية  و النهاية  في عمليّة تمكين  المعرفة  و إدارتها و توسيعها و هو الأمر الذي يُحسب للمؤلف كذلك   نظرا لأنَّ  للمورد البشريّ كما ذكرنا في موطن سابق  دور قائد في إدارة المعرفة .

 هذا و قد حذي  هذا الكتاب  في الفصل الثالث  منحى  البحث التقني الخالص  و في الفصول  الخمسة الأخرى  قدمَ إطارا  عاما لمفاهيم  و نظم  إدارة المعرفة   في ثوب كما وصفه  المؤلف بالقشيب  و ذي المضمون الجديد  و هذا   كان أكثر  مـــــــــــا أثار  إهتمامنا  و جعلنا ننحو  لقراءة هذا الكتاب دون غيره .
و على العموم فإنَّ هذا المنتوج العلمي  من دون شك سيبقى لسنوات ممتدة  بمثابة مرجع  مهم للآكادميين    و الباحثين  في موضوع إدارة المعرفة  و خصوصا العربيّة ، و إن كنا لا نملك النضج الكافي لتقييمه تقييما نقديا كافيا إلا أن الكتاب نفسه أرخَ لنا بداية الطريق  للبحث المتواصل  في هذا الحقل ما سيكسبنا مع السنوات اللاحقة قدرة معرفيّة للعودة إليه مجددا و سبر أغواره صفحة صفحة .
تم


القصد في الترتيب هنا من 7 إلى 9 و التابع للتهميش أدنـــاه .
1  خالد خلف الزريقات  ، أثر  إدارة المعرفة  في فعاليّة  اتخاذ القرار  في الشركات  الإستخراجيّة  الأردنيّة  ، مجلة  دراسات  العلوم  الإداريّة  ، المجلد 38 ، العدد  2 ، 2011 ، ص 456 .
[2]   لطيف  عبد الرضا  عطيّة  ، رأس  المال الفكري   و إدارة المعرفة  : العلاقة  و الأثر ، دراسة إستطلاعيّة  لأراء عينة  من مدراء المصارف  الحكوميّة  في محافظة الديوانيّة  ،  مجلة  القادسيّة  للعلوم  الإداريّة  و الإقتصاديّة ، دوريّة  علميّة محكمة  تصدر عن كليّة الإدارة و الإقتصاد ،  المجلد 10 ، العدد 3 ، 2008 ، ص 102 .
  حسن العلواني ، إدارة المعرفة  : " المفهوم  و المداخل النظريّة " ،  ورقة  مقدمة  إلى المؤتمر  العربي الثاني  في الإدارة  ،  [3]
القيادة الإبداعيّة  في مواجهة التحديات المعاصرة  للإدارة العربيّة  ، المنعقد  في  القاهرة في  الفترة من 6 إلى 8 نوفمبر  2001 ،  المنظمة  العربيّة  للتنميّة  الإداريّة  التابعة  لجامعة  الدول العربيّة ، ص 312 .



 لمزيد من الشرح  أنظر / ي  الصفحات 217 – 222 .[1]
 أنظر / ي الصفحات 238 – 240 .[2]
  أنظر / ي الصفحات 270 _ 271 .[3]
  أنظر / ي  الصفحات من 306 إلى 308 .[4]
  لمزيد  من المعلومات  أنظر / ي  الصفحات من   314 – 319  .[5]
 لمزيد من التفاصيل  أنظر /ي  الصفحات 328 – 329 .[6]