الثلاثاء، 3 نوفمبر 2015

قراءة في كتاب : إدارة المعرفة " المفاهيم ، النظم ، التقنيات " للباحث سعد غالب ياسين ( الجزء الأوّل )


إعداد : فريال أوصيف -  الجزائر
الجزء الثاني على الرابط التالي : 
http://hadiaoucif.blogspot.com/2015/11/blog-post_4.html
ملاحظة ، من الخطأ لغويا و منهجيا إتمام السطرِ بحرفِ الواو غير أنّه لعدم تجاوب المدونة مع التعديلات ، تم تركه على حاله.

معلومات عن الكتاب : 
عنوان الكتاب
إدارة المعرفة " المفاهيم ، النظم ، التقنيات "
المؤلف
سعد غالب ياسين

الطبعة
الأولى
سنة الطبع
2007 م
دار النشر
المناهج للنشر و التوزيع
بلد النشر
عمان – الأردن
عدد الصفحات
378 صفحة
غلاف الكتاب



من هو سعد غالب ياسين ؟

·       أ.د  ســـــــــعد غالب ياسين  أستاذ  و باحــــــــث و أكاديميّ  بقســــــــــم نُظم المعلومات  الإداريّة بجامعة الزيتـــــــــــونة  " الأردن " .
·        حصلَ على درجة الدكتوراه  في نظم المعلومات الإداريّة  من الأكاديميّة الإقتصادية  في بولندا عام 1991 م.
·       تولى منصب رئاسة قسم نظم المعلومات  الإداريّة  في جامعة الزيتونة الأردنيّة  منذ عام 1997 م بالموازاة  مع مزاولته  مهامه التأطيريّة في ذات الدائرة  العلميّة .
·        حاضر الدكتور  سعد غالب ياسين  قبل ذلك  في جامعة التحديّ  في ليبيا من 1992 إلى 1997 م  ، و كذا جامعة الموصل بالعراق من 1982 إلى 1992 م .
·       أسهم المؤلف  في وضع البرنامج  الأكاديمي  للأمم المتحدة  الخاص  بالمجمع  العربيّ للمحاسبين .
·       على إمتداد مساره  الأكاديميّ نشر الأستاذ الدكتور سعد غالب ياسين  أكثر من 30 بحثا علميّا  في دوريات مُحكمة  تناولت  حقول و نظم إدارة المعرفة  و كذا رأس المال الفكريّ  و تكنولوجيا و نظم التنقيـــــــــــــــــــــــب  عن الـــــ ــ ــــــــــبيانات  و استكشاف  المعرفة و غيرها من المواضيع ذات الصلة .

·        هذا و  للمؤلف ما يقارب 16 مؤلفا نذكر منها :
Ø     الإدارة الإلكترونيّة  و تطبيقاتها  في البيئة العربيّة ( 2005 م ) .
Ø    أساسيات  تكنولوجيا  المعلومات  و نظم  المعلومات الإداريّة ( 2005 م ) .
Ø     دراسات إستراتجيّة : نظم إدارة المعرفة  و رأس المال الفكري العربيّ ( 2007 م ) .
Ø    تحليل  و تصميم نظم المعلومات ( 2001 م ) .
Ø    نظم المعلومات الإداريّة ( 2012 م ).
Ø    نظم مساندة  القرارات ( 2010 م ) .
Ø     الإدارة الإلكترونيّة ( 2012 م ).
Ø    الإدارة الإستراتجيّة ( 2011م ) .
          و غيرها من المؤلفات عن دار المناهج  و اليازوري العلميّة .


ملخص كتاب  : إدارة المعرفة " المفاهيم ، النظم  ، التقنيات "

قسم المؤلف كتــــابه إلى سبعِ فصولٍ رئيسيّة ، كل فصلٍ ضمَّنَ فيهِ جملة من العناصر نلخصها كالتالي :

الفصل الأوّل : أساسيات إدارة المعرفة

برغبة منه  لتجليّة مفهوم " المعرفة " و تعميق الوعيّ بأهميّة إدارتها  و التحكم في نظمها التكنولوجيّة أرّخ   المؤلف سعد غالب ياسين  بداية مؤلفه  في الفصل الأول بالتشديد  على أهمية فهم  المعرفة  كمفهوم يحمل من العُمق  و التحديدات  الكثير من العناصر غير القابلة للتسطيح ، فعلى حدِّ إعتباره  أنَّ  أكثر كلمة  مــــهـــــــــــــمة و خلافيّة  في حقلِ إدارة المعرفة  هي المعرفة نفسها فعلى الرغم من ثراء معانيها  وأبعادها المتنوعة إلاّ أنَّ النقاش و الجدل  حول المفهوم  بقى لسنوات طويلة تقليديّا يُضيقُ  المعرفة في نطاق أنها ما يمكن أن تحتويه  المراجــــــــــع و المؤلفات من مضامين فقط  و هو الأمر البعيد عن الحقيقة على حدِّ قول  الدكتور سعد غالب ياسين ،  و الذي أشار إلى مشكلة أخرى ساهمت في تسطيح  المفهوم  و هي الفشل في  التمييز  بين البيانات ،  المـــــــــــــعلومات  و المعرفة و إعتبار هذه الأخيرة على أنهّا بيانات تارة أو معلومات مكتسبة  أو متراكمة تارة أخرى  و هي المشكلة التي تؤدي إلى وضع تصورات تبسيطيّة  للمعرفة و إدارة المعرفة ، لذا كان لزاما  على البُحاث و المجتهدين  في هذا المجال إستظهار أوجه  التباين و التمايز  بين هذه المفاهيم و المصطلحات ، و يعكفُ الباحث في هذا الصدد   إلى المبادرة  في تحديد نقاط  هذا التميز فبعد  رصده لتحديدات مفهوم  البيانات و من ثم المعلومات  و العلاقة القائمة بينها على إعتبار أن الثانيّة بعد  عمليات المعالجة  و الإستدلال  تصبحُ مادة خام للأولى  يؤكد المؤلف أن ما يميز  المعرفة عن سابقتيها هو أنها بالأساس بمثابة دينامكيّة تعتمدُ على الأفراد  في إعادة تكوينهـــــــــــــا و إستلهام  معانيها في حين أن المعلومات  هي بصفة عامة ساكنة ، مستقلة عن الأفراد ، صريحة و مكتوبة قد تكون سهلة الإستنساخ و التقديم و لا يوجد لها معنى واحد  و دقيق ،  و يضيف في السياق ذاته دائما أنَّ المعرفة من حيث جوهرها  ذات طبيعة ضمنيّة  على عكس المعلومات  التي تكون في غالب الأحايين  صريحة مكتوبة و موثقة .
في سياق مُحايث  ركزَّ المؤلفُ دائما  على ضرورة  وضع مفهوم المعرفة  ضمن سياق عملّية التعلم  و كذا مفهوم الذكاء  و صلة كل من هاتين  الخاصيتين بالذاكرة  الإنسانيّة ، و في إطار  تحديد المفاهيم  و ضبطها  الذكاء بصورة أوليّة كما هو وارد في الصفحة 27 عبارة  عن " قدرات إستنتاجيّة  و استدلاليّة تُكتسبُ  من خلال تراكم المعرفة  و الخبرة  و النظر  في مظاهر  و دلالات حركة الأشياء  و تغير الظواهر في الحياة " ، بشكل آخر هو " القدرة على إكتساب  و تطبيق  المعرفة و القدرة  على تحسين العمل  و إتخاذ القرارات  بناءا   على المعرفة أو ما يمكن نقله من معرفة إلى معرفة أخرى ".

في حين أن التعلم  كما يذهبُ  إليه  الباحث مجموعة من المهارات المُقترنة  بالمعرفة  و قد تكتسب  هذه المهارات  من خلال  الدراسة أو االتجربة  و العمل و كلما  تراكمت المعرفة  و الخبرة لدى الشخص  في أي حقل  من حقول الدراسة و العمل كلما اقترب هذا الشخص  من صفة " خبير "  و الخبير على حد إعتبار  المؤلف  هو العارف   الذي يعرفُ ماهيّة  الأشياء  و لا تقتصرُ مساعيه  فقط على تعلم  تفاصيل إختصاصه  و إنما هو في سعيٍ دائم  للإستنباط  المغزى العام  و المعنى الشامل  في علاقة و تأثير ميدان تخصصهِ في حقول  المعرفة الأخرى  و تطبيقاتها .

و المعرفة وفقا لما تقدم  هي كينونة  و صيرورة  في الوقت نفسه فمثلما تتشكل المعلومات من البيانات كما يردف  الباحث تتشكل المعرفة من المعلومات  الممتزجة  بالخبرات  و تجارب التعلم  و المهارات النوعيّة المكتسبة  و كل العناصر التي من شأنها بناء و تشكيل المحتوى  العُضوي  للمعرفة ، هذا من جهة .

من جهة أخرى  يقول الباحث تحت العنوان الرابع  الذي أدرجهُ في هذا الفصل " مداخل تعريفيّة  للمعرفة " أنّهُ من الممكن  النظر للمعرفة من عدّة مداخل متباينة فقد يُنظر إليها  على أنها  الحالة الذهنيّة  لفهمِ و إدراك الحقائق ، و قد ينظر إليها أيضا من مدخل شيئيّ مناقض يعتبرها عناصرَ و أشياء من الممكنِ  تخزينها و معالجتها ، أو من مدخل عملياتيّ  يرى  فيها عمليّة  لممارسة  الخبرة و هو ما يتجاوزُ  المنطق التقليديّ  الساكن  للمعرفة  الذي يدورُ في حلقة  أنَّ المعرفة  ماهي إلاَّ نتاج عقليّ أو ماديّ  ، أو من خلال مدخل معلوماتيّ  يرى  المعرفة  على أنها  حالة أو شرط  النفاذ إلى  المعلومات و حيازتها  و توظيفها ، و أخيرا من خلال فهمها  على أنها قدرات كامنة للتأثير  في العمل و الفعل الموجه نحو المستقبل ، و كلّها مداخل يؤكد الدكتور سعد غالب ياسين ستؤدي بالضرورة إلى نظرات  منهجيّة متباينة  لإدارة المعرفة  في حد ذاتها  و دورها و تأثيرها  في حياة و عمل  المنظمة الحديثة و في كل مدخل مواطن للحقيقة و القصور .

و إنتهاءا من محاولته  تحديد مفهوم المعرفة  و الذي يرى بأنّه من الإستحالة  بما كان إختزاله  في تعاريف مبسطة و كلمات خاطفة بليغة على إعتبار  أن المعرفة ببساطة هي أسمى و أرقى حالة فكريّة إنسانيّة  حاول  الباحث أن يعمل  على تعديد  بعض من الملامحِ  المميزة لهذه الحالة بإطلاقها العام  و بغض  النظر عن طبيعتها  و مضمونها و مما ذكر " أولا : حاجة  المعرفة  الدائمة للتفاعل الإنسايبيّ مع الواقع و الوعيّ  بمختلف متغيراته و العناصــــــــــــــر و القوى المشكلة و المُحفزة للتطور و التغيير ، ثانيا : [ المعرفة ذاتٌ و موضوع ] ، ذاتٌ لأنها مخزونة قبل كل شيء  في عقل الفرد نفسه  و موضوعٌ عندما تستقلٌ عن هذا الفرد  في المراجع  و الكتب  و الوثائق و غيرها من الوسائط ، ثالثا:  للمعرفة مضمون إجتماعيّ إنسيابيّ  ما يعني أنها كائن  لا يعيش لنفسهِ  و بنفسه بل  يحتاجُ  على حدِ تعبير  المؤلف إلى بيئة يتنفسُ فيها و ارض ينبتُ منها ، رابعا : تأخذ المعرفة  بإستمرار مسارا تصاعديا  فهناك معارفُ قديمة و هناك معارف جديدة ، خامسا : تربط المعرفة بالحقيقة إرتباطا وثيقا ، فعندما يعرفُ  المرء حقائق جديدة  أو يستكشفها فإنّه  بذلك يقتربُ من درجة  الإعتقاد و اليقين . سادسا :  المعرفة مورد إنساني لا ينقص البتة  و إنما ينمو بإستعماله و هو أرقى بكثير  من مجرد الحصول على المعلومات ، سابعا و أخيرا : المعرفة قد  تكون جزءا  من نظام دينامكيّ  للتفكير و لإدراك  الواقع  الموضوعيّ ما يعني أنّها كما يؤكد المؤلف  في سياق حديثه نتاج  النشاط الذهني  للعقل  في حواره مع الطبيعة و تعامله مع الواقع .

هذا و دائما و في نفس الفصل  قدم الباحث  عنوانا عريضا آخر حول  أنماط المعرفة  مؤكدا قُبيل طرحه  لمختلف التصنيفات  المعروفة  في هذا الصدد  أنه لا يوجد  نمط واحد للمعرفة و لتمثيلها من مصادرها  الماديّة و الإنسانيّة ، و كلُّ  ما يمكن طرحه لا يتعدى  سوى تحليل  بعض الفئات و الأنماط ، أما النمط الأول   من التصنيف   فهو ذلك  الذي يأخذ بعين  الإعتبار  فرص تمثيل المعرفة  في ظل  التكنولوجيا المعرفيّة مثل المعرفة الإجرائيّة ، الإعلانيّة البعديّة ، الإستكشافيّة  ، في حين أنَّ الثاني  يأخذ بنظر الإعتبار  عُمق المعرفة و بالتالي يدنو كثيرا من تحليل المضمون  و يضم ما يسمى  بالمعرفة  العميقة  من جهة  و المعرفة السطحيّة ( الظليّة )  من جهة أخرى ، فضلا عن وجود أنماط أخرى للتصنيف كالمعرفة بالكيف أي تعلم و معــــــــــــــــــرفة كيف  تعمل النظـــــــــــــــــــــــــم  و الأدوات  و كيف يمكن  خلق و تكوين  القيمة  من عناصرها  و مدخلاتها  و مخرجاتها ، أو  المعرفة السببيّة  و الشيئيّة أي معرفة ماذا ؟ و لماذا ؟  و هي أسئلة العلم و التكنولوجيّا ، أسئلة الحياة  و الوجود  و التعلم الإنساني كما يؤكد الباحث .

هذا و يتبنى  الباحث الدكتور سعد غالب ياسين  في هذا الإطار  النمط أو التصنيف  الأكثر شيوعا  و إستخداما  من قبل الباحثين  في حقل إدارة المعرفة  و الذي يصنفها إلى نوعين أساسيين   " ضمنيّة ، صريحة "  أما المعرفة  الضمنيّة  فهي تلك  المعرفة غير المكتوبة المخزونة في عقول الافراد  و المستقرة في دواخلهم و لا تظهر بوضوح للآخر إلاّ  من خلالِ  الحوار و النقاش ، في حينِ أن المعرفة  الصريحة  هي المعرفة المكتوبة  أو المرمزة  التي تحتويها المراجع  و الكتب و المدونات  و اواسط تخزين المعلومات   الرقميّة .. إلخ  و التي يمكن  بسهولة وصفها  و تحويلها من لغة إلى اخرى و من شكل إلى آخر و بالإمكان بصفة مستمرة  إعادة قرائتها و إنتاجــــــــــــــــــها  و بالتالي تخزينها و إسترجاعها .

و في المحور الرابع الذي جاء تحت عنوان "محاولة فهم  إدارة المعرفة " أكد المؤلف  على أنَّ إدارة المعرفة  تسعى بشكل أساسيّ  إلى تقديم حلول إلى قضايا  و مشكلات إستقطاب  و إنتاج المعرفة  و المشاركة   فيها بين الأفراد  و الجماعات و المنظمات  و داخل المنظمات  في حد ذاتها  ما يعني أنها تنحو   إلى الإهتمام  بإستثمار الموارد  المعرفيّة  و بناء ذاكرة  للمنظمة ترتكزُ بالأساس  على تبادل المعرفة  و المشاركة فيها من خلال عمليّة منهجيّة مُستمرة .

و في خضم حديثه دائما  يشدد المؤلفُ  على ضرورة التركيز على أحد أهم موارد إدارة المعرفة  و المتمثل في الرأس المال الفكريّ  الذي يعتبر موردا و أداةً أساسيّة لإنتاج المعرفة  الجديدة و إستحداث وسائل التطــــ ــــــــ ــــــور و النهوض  في المجتمعات  الإنسانيّة ، كما يذهب إلى أن إدارة المعرفة  ليست مجرد وظيفة إداريّة أو عمليّة مستقلة  عن بقية الأنشطة  التنظيميّة  بل هي حزمة من الأنشطة  و العمليات التنظيميّة المتنوعة  العابرة  للمجالات الوظيفيّة  التي تقوم  بعمليّة  تشكيل المعارف  الجديدة على نحوٍ مستمر ، هذا من ناحيّة ، من ناحيّة أخرى إدارة المعرفة من حيث طبيعتها  لا تدير أنشطة  ملموسة و واضحة  كما باقي الأنشطة  داخل المنظمة  بل لهذه الأخيرة صبغة  أو تكوين عام و خاص في الآن ذاته ، فهي كالمظلة  الشاملة  تتسعُ  لكل أنشطة إستقطاب  و تخزين  و إبتكار  المعرفة  و المشاركة في تدويرها  و إعادتها  أو إبتكارها كما أنها  ذات تكوين جزئي لكونها جزء من مكونات كل إدارة  و وظيفة  داخل المنظمة .

هذا و يؤكد  المؤلفُ أن العديد  من الباحثين  يميلون إلى تعريف  إدارة المعرفة  من خلال  تحليل مضمون العمليات  و الأنشطة الوظيفيّة  التي  تقوم بتنفيذها  و هو المدخل الأكثر  وضوحا  و الأشمل نطاقا  من المداخل الأخرى  على حد إعتباره .[1]
و في المحور  الثامن و الذي جاء  تحت عنوان  " التمييز بين إدارة المعرفة  و نظم إدارة المعرفة "  حاول الباحث  طمس الإلتباس  الموجود  لدى البعض حين إستخدامهم  مفهوم  و مصطلح إدارة المعرفة  للدلالة به " نظم إدارة المعرفة "  مؤكدا على أنّ إدارة المعرفة  هو إسم  الدلالة الشامل  لكــــــــــــــل – روافد -  المـــــــــ    ـــــــــعرفة  و التكنولوجيا  و نظريات التعلم و الإدراك  و الذكاء  التي تصب في هذا الحق  أما نظم إدارة المعرفة  فما هي سوى بُعدٌ أساسيّ من أبعاد إدارة المعرفة  و وجه أساسيّ  من الأوجه  الملموسة لهذه الإدارة  و تطبيقاتها  في أنشطة الأعمال المختلفة .

أما في المحور التاسع  المعنون  بـــــ لماذا إدارة المعرفة ؟ أكد المؤلف على أن المعرفة  من بديهيات  الحياة الإنسانيّة و التقدم الحضاريّ  و وجود إدارة المعرفة في ظل إنفجار المعلومات  مرتبـــط  بالمعرفة  و أهمــــــــ ـــــيتها  و إرتباطها  بكل إنجازٍ علميّ  و تقدم تكنولوجيّ ، و إن كانت الحاجة الملحة  لإدارة المعرفة  لم تكن مطروحة  في السابق إلاّ أنه  مع التسارع  المتزايد  في حركة الإبتكار  و الإبداع العلمي والتكنولوجيّ  الذي ٍرافقه إنفجار متواصل في المعلومات و المعرفة أصبح وجود إدارة كفوءة  و فاعلة أمرا حتميّا ، هذا من جهة ، من جهة أخرى  تحتاج كل المنظمات لإدارة المعرفة كي تساعدها  على توظيف  الموارد  المعرفية  المتاحة لإستثمار كل فرص الأعمال و إكتساب  الميزة الإسراتجيّة المؤكدة فلم يعد كافيّا  البتة  أن يكون لدى المؤسسة إدارة جيدة  للمعلومات و إنما إدارة فاعلة للمعرفة ، يشير المؤلف .

في سياق مقارب وضع  الدكتور سعد غالب ياسين  في المحور  العاشر يدهُ على أهم المضامين الجديدة لإدارة المعرفة  مؤكدا  على أنَّ هذا الحقل   أضاف أبعادا جديدة  للموارد المعروفة سابقا  و مداخل جديدة  لتنظيـــــــــــــمها و إستثمارها  و لتجليّة  هذه المضامين  لدى البُحاث  و المهتمين  كان من الضروري " يؤكد المؤلف "  التركيز  على محاولة  إستجلاء المبادئ  الأساسّيّة  لإدارة المعرفة  و تحليل و مقاربة   مضمون إدارة المعرفة  مع المفاهيم  و التقنيات الإداريّة  المطروحة .

 و في سياقِ طرحهِ  يؤكدُ المؤلف أنَّ إدارة المعرفة  في الوقت الراهن  لا تتوقفُ  عند إضافة ( المعرفة ) إلى موارد المنظمة  و المشروع أو إعتبارها موردا إستراتجيّا  و إنما العمل  على  توظيفها  في إبتكار  المنتجات و الخدمات  و تحسين الأداء الكليّ للمنظمة  ما يعني تحويل المعرفة  إلى قيمة مضافة  تتميز  بها المنظمة عن منافســـــــــــــــــــيها  و هذا السياق من أكثر الإتجاهات  الجديدة  في إدارة  المنظمة للمعرفة .

هذا و في المحور الحادي عشر  عكفَ  الأكاديميّ سعد غالب ياسين  على تقديم إستعراض  لأهم المبادئ  الأساسيّة لإدارة المعرفة [2] جمعها في عشر أساسيّة  و جاءت تحت مظلة  العناوين التاليّة  : ( 1) إن جوهر إدارة المعرفة  هو الإستثمار  في أصول المعرفة ، (2) توليفة الحلول  الإنسانيّة و التكنولوجيّة ، (3)  المضمون  السياسي لإدارة المعرفة ، ( 4) إدارة المعرفة تتطلب  وجود مديرين للمعرفة ، ( 5) تبصير المعرفة أفضل من نمذجتها ، ( 6)  المشاركة بالمعرفة أصعب من إنتاجها ، (7)  النفاذ إلى المعرفة هو البداية ففط ، (8 ) لا نهاية لأنشطة إدارة المعرفة ، (9)إدارة المعرفة   ليست بدعة  و لها جذورٌ تاريخيّة ، (10)  المضمون الفلسفي لإدارة  المعرفة .[3]
أما في الفصل  الثاني عشر  و الأخير  من هذا الفصل الأوّل  حاول المؤلف  تقديم نموذج مقترح  للــــــ ــــــ ـــمعرفة و يربطُ   في هذا النموذج أساسا حقل المعرفة  بثلاثة دوائر  متداخلة و متراكبة  تبدأ من  الدائرة الأصغر للبيانات ، تليها الدائرة الأكبر (  المعلومات )  ثم دائرة التعلم  و المعرفة ما يعني أن المعرفة كما ذكرنا في  المواطن الأولى  تبدأ  بالمادة الخام  للبيانات  و من ثم  المعاني المتسقة  الجديدة  ذات القيمة  المضافة  كما يقول المؤلف  و هي المعلومات  ثم يتم الرقي بهذه الأخيرة  و مجمل الخبرات  و التجارب المكتسبة  المقترنة  بالإدراك  لتكوين  و إكتساب  المعرفة  و كل ذلك  على نحو حلزونيّ  من خلال حلقات إرتداديّة  مفتوحة  للتغذيّة العكسيّة  أثناء   عمليّة التراكم  المستمرة   لإنتاج معطيات تفكريّة  ذات عمق  و فضاء واسع  .[4]


الفصل الثاني : دورة حياة المعرفة

في تقديمهِ  لهذا الفصل  يؤكد  الدكتور سعد غالب ياسين  بأنه حاول  في مختلف ثناياه  دراسة  و تحليل  دورة حياة المعرفة  في المنظمات الحديثة " مؤسسات أعمال ، مؤسسات عامة ،  هيئات أو وكالات "  و ذلك من خلال ما أسماه إستنطاق المعرفة  التنظيميّة  في تحولاتها و تشكيلها  أي من خلال  فهم حركيتها  و المراحل التي تمر بها و ذلك بالإعتماد أساسا  على مدخل  التحليل المنهجيّ  الذي ينطلقُ من مسالكِ النظر في حقلِ إدارة المعرفة  و دورة حياة المعرفة التنظيميّة  ناهيك عن  النسيج العضوي  الذي يشدُّ  عمليّة  التكامل البنيوي لمراحل " دورة الحياة " .

في المحور الأوّل : " دورة حياة المعرفة  مقابل  عمليّة إدارة المعرفة "  ، يؤكد المؤلف  بأنه لفهمِ إدارة المعرفة  فهما عميقا  لابد من إستيعابها  على أنّها كينونة حيّة  تنطبق عليها إلى حد ما  نواميس الحياة و بذلك فإنَّ لها دورة  حياةٍ  حالها حال النظم  الحيّة  الأخرى  في بيئة تتبادل فيها النظم  المدخلات و المخرجات .

و يشير الكاتب  إلى أن فهم إدارة  المعرفة كدورةِ حياة مستمرة  بنموها  و صيرورتها  له دورٌ أساسيّ  في تعميقِ  إدراك  القادة  و المدراء بحقيقة  أن المعرفة ليست مجرد عناصر  ماديّ ثابتة  و جامدة بل هي كينونة  تولد في حاضنة و بيئة  تنظيميّة  تنمو و تتطور  من خلال التراكم  المعرفي  و قدرات الإبتكار  و الإبداع .

و في المحور الثاني الرديف  يسلط  الكاتب الضوء  على إشكاليّة  إدارة المعرفة  و بالأساس على  الأسئلة الجوهريّة التاليّة  : هل يمكن  إدارة المعرفة ؟  و هل المعرفة شيء يمكن ضبطه  أو إستقطابه و بالتالي  من الممكن  تنظيمه  و إداراته ؟ ثم هل  تحتاج  المعرفة إلى إدارة  و هي الأسئلة  التي طرحت أساسا من قبل رواد  حقل إدارة  المعرفة  و من علماء  الإدارة  و المعلوماتيّة  بصفة عامة  و ذلك في سياق  التحليل  و في أحيان أخرى التعليق  على مصطلح " إدارة المعرفة " ، و على العموم فإنَّ  الإشكال  الأساسيّ  المطروح أثناء  التعرض لهذا المفهوم  هو  هل يمكن  إدارة المعرفة  حقا  خاصة و أن هناك العديد  من العلماء  و الباحثين في هذا الحقل  ممن لديهم  تحفظاتهم  على المصطلح  و المفهوم  ، و إن إستخدموه بشكل مستمر كـــــ Peter Duker   إلا أنهم ذكروا أن المعرفة لا يمكن إدارتها  لإنها ببساطة ذات طبيعة  ضمنيّة غير صريحة و بالتالي مســــــــــــــــتقرة و  مخزونة  في عقول الناس و تحتاج  لجهود حثيثة  لإستجلاء  بعضٍ من أجزائها  المخفيّة  و حتى المعرفة  النصيّة المكتوبة  ما هي بالأصل  سوى معرفة ضمنيّة  تعرضت لتحديد  أشكالها  و تأطيرها و تخزينها .

هذا و انتقل الدكتور سعد غالب ياسن  في المحور الثالث لرصد  أهم إشكاليات المعرفة الصريحة  و الضمنيّة  هذه المرة على وجه الخصوص ، في هذا السياق يُذكِرُ المؤلف  القارىء بالخلفيّة التاريخيّة لظهور مفهوم  المعرفة الضمنيّة  Tacit knowledge  و الذي ظهر على يد المفكر Michel polanyi      ( 1891 – 1976 ) لا الذي أقام مفهومه على الفرضيات  الأساسيّة التاليّة :

Ø    الإكتشاف الحقيقي للمعرفة  لا يمكن الوصول إليه  من خلال سلسلة محددة من القواعد  الموضوعة  أو الخوارزميات .
Ø    إن المعرفة  عامة و شخصيّة .
Ø    إن المعرفة  التي تصنف  بأنها صريحة  و مكتوبة  مهمة و ضروريّة  غير أنّ المعرفة  إما أن تكون  ضمنيّة  أو أنَّ جذورها  تعود  إلى المعرفة الضمنيّة .
و هو ما يعني بإختصار  كما يذهبُ إليه المؤلف  أن المعرفة الضمنيّة   هي  مرجعيّة المعرفة  الصريحة  المكتوبة  ، إلا أن  المشكلة في المعرفة الضمنيّة  هي طبيعتها الغامضة إذ لا يمكن أن يعبر عنها الفرد  بصفة دائمة او بواسئل محددة ذلك أن هذه الأخيرة غالبا  ما تتأثر بالعوامل الموقفيّة  الضرفيّة أثناء  التعبير اللفظي  أو الرمزي المتعلق بها  ، و هنا يشير  الباحث  إلى أنَّ السؤال الجوهريّ  الذدي يجب أن يطرح في هذا السياق  هو كيف يمكن إستقطاب  المعرفة الضمنيّة  الصامتة المضمرة ؟ و كيف  ظهرت فكرة  إستقطاب  هذه المعرفة ؟

يقول سعد غالب ياسين  ظهرت فكرة  إستقطاب  المعرفة  عندما  قدم كل من takeuchi  و Nonaka  تفسيرا قائما على فهم polanyi   حيث فسروا  عمليّة تكوين المعرفة  من خلال نموذج  المصفوفة 2*2 .

في سياق آخر عكفَ المؤلف  في المحور الرابع الذي جاء موسوما  بـــــ " مراحل دورة حياة المعرفة "  بالحديثِ  عن حياة المعرفة و التي  يقوول بأنها تشبه  حركة الديمومة  و الصيرورة الفاعلة  التي تبدأ بأنشطة  إستقطاب المعرفة  ، تكوين المعرفة ،  المشاركة بالمعرفة ،  تحزين و توزيع المعرفة  ، أما عن مرحلة الإستقطاب  و التي تعني عموما  إستخلاص المعرفة من  مصادرها  الإنسانيّة  ( المعرفة الموجودة عند الخبراء )  و الرمزيّة الموجودة  في الوسائط الرقميّة و الماديّة  و نقلها  و نقلها و تخزينها  في قاعدة المعرفة  أو في نظم  إدارة المعرفة ، هـــــــــــــذا و لأن أنشطة جمع و إستقطاب  و إستخلاص المعرفة من  مصادرها  هي بحكم طبيعة المعرفة نفسها  أنشطة معقدة و مركبة  تتطلب أدوات تحليل و نمذجة  .. إلخ  و هو ما مهد الطريق كما يشير المؤلف لظهور  الحاجة الموضوعيّة و الملحة  لتطوير  حقل هندسة المعرفة  بهدف  تطوير  قواعد  المعرفة .

و على العموم  مرحلة إستقطاب المعرفة  هي أول مرحلة  من مراحل عمليّة هندسة المعرفة  و تتكون هي الأخرى  كما يفضي به المؤلف  من خمس مراحل متكاملة و متضاعدة فيما بينها فإنطلاقا  من تحديد الحاجة  إلى المعرفة  يتم الإنتقال إلى تحديد  مكونات نظام المعرفة  و من ثم تشكيل بنيّة هذا النظام  و إختيار المعرفة الجديدة  و في النهاية تظهر  قيمة المعرفة المستقطبة الجديدة  عن طريق تقييم مستوى  التقدم الذي حصل  في أداء المنظمة الراهن
في نفس السياق  فتح المؤلف  بابا تحت عنوان "  إستقطاب المعرفة الضمنيّة   و يقول "  ربما يطرح البعض  عند قراءة عنوان هذا  المبحث السؤال التالي و لماذا إستقطاب  المعرفة الضمنيّة ؟   لماذا السكوت  عن المعرفة الصريحة  " المكتوبة المرمزة " ؟ و الجواب يأتي مباشرة  و ببداهة بالتأكيد   على حقيقة  مفادها  أنَّ التحدي الأهم  الذي يواجه  كل إدارة  للمعرفة  هو العمل  من أجل إستقطاب  المعرفة الضمنيّة  تحديدا  و ليس البحث عن وسائل نقل المعرفة إلى معرفة صريحة مكتوبة  و مخزنة  في نظم  إدارة المعرفة الموجودة  في المنظمة" .

و يذهبُ  في هذا السياق أيضا  إلى أنَّ أهميّة  المعرفة الضمنيّة  تعود  إلى أن  المعرفة  التي تمتلكها  أي مؤسسة  سوف تفقدُ بالضرورة  قيمتها بمجرد  ترميزها و تخزيتها  أو بمجرد توزيعها  في أدلة  و وثائق مع المنتجات و الخدمات  المقدمة حتى و إن حاولت الإدارة  و بذكاء الإحتفاظ  بأسرار المعرفة  و جوهرها  الذي سهرت على تكوينه  و ابتكاره  لأنّها سوف تفقد على اق تقدير  قدرتها الذاتيّة  و سعتها الدينامكيّة  على النمو  ضمن فضاء المنظمة و في رحابها .

هذا و يؤكد المؤلف على ضرورة تحديد أنماط المعرفة الضمنيّة  التي يجب إستقطابها  كما يجب وضع  ضوابط تحدد أبعاد عمليّة  تحويل المعرفة الضمنيّة  إلى معرفة صريحة ، أما عن أنماط الضمنيّة فذكرها  المؤلف في  المبحث الثالث من هذا المحور  و شملت عموما  المعرفة الضمنيّة التقنيّة  التي تظهر في صورة مهارات العــــــــــــــــمل  و ممارسة أنشطته ، فضلا عن المعرفة الضمنيّة المتراكمة  تارخيّا و عبر  فترة طويلة من الـــــــ     ــــــتعلم  و ممارسة تجارب العمل  و محاولات  التجدد و الإبتكار  التي يسعى إليها أصحابُ المعرفة في المنظمة  زيادة  عن ذلك المعرفة الضمنيّة  الجمعيّة  أو الجماعيّة و يعنيبها المؤلفُ  المعارف و الخبرات  الموزعة بصفة طبيعيّة  بين الأفراد العاملين  في المنظمة  ، و كلها أنماط  تتطلبُ من مهندس  المعرفة  و عيا شفافا  و إدراكا عمـــــــــــــــــيقا  و الذي لابد أن يستخدم  في تحديد  الأدوات  و التقنيات الأكثر  موائمة لإستقطاب  المعرفة .

هذا و قدم  المؤلفُ فيما أتى إستعراضا  لأهم مزايا المعرفة الضمنيّة  و خصائصها و تشمل  عموما أن هذه الأخيرة توفر  للمنظمة تكاليف  الإستقطاب و الترميز  و البرمجة و التخزين  في نظم المعلومات  ،  كما أنه  يوجد  نوع من المعرفة الضمنيّة  الثمينة  التي لا يجوزُ  الكشفُ عنها  أو تحويلها إلى وثائق .. تقارير .. إلخ لأسباب من أهمها  إرتباطها  بالأسرار  التكنولوجيّة  و الإستراتجيّة الخاصة  بالمؤسسة و أخيرا  تتمتعُ  المعرفة الضمنيّة  بمزايا أخرى  بالمقارنة  مع المعرفة الصريحة  المكتوبة  من بينها إندماج  المعرفة الضمنيّة  بكفــــــــ  ـــــاءة و فعالية الأداء .

هذا  و قد سلط المؤلفُ  الضوء في هذا السياق  على أحد أهم  النماذج المطروحة  لتوصيف  و نمذجة   تحولات المعرفة  و مراحل تكوينها  و تطويرها و المتمثل  في النموذج الذي اقترحه takeuchi  و Nonaka  سنة 1995  و المعروف إختصارا بنموذج SECI لتكوين المعرفة  و الذي استند أساسا  حسب الكاتب علبى  قراءة منهجيّة  لمفهوم المعرفة  لدى العالم الهنغاري   Michel polanyi و بصورة اكثر حصرا  مفهوم  المعرفة  الضمنيّة  ، و يقومُ هذا النموذج أساسا  على فكرة جوهريّة  تتلخص  بوجود  حركة حلزونيّة  تفاعليّة  للمعرفة الصــــــــــــــــــريحة  و الضمنيّة ترافقها  أربعة أنماط رئيسيّة  هي تحول  المعرفة s و يعني تحول المعرفة  الضمنيّة   إلى معرفة ضمنيّة جديدة  من خلال التفاعل الإجتماعي للأفراد Socialization   في بيئة العمل , و كذا تحـــــــــــــول المــــــــ  ـــــعرفة Ex و يتطلب هذا الأخير  التعبير عن المعرفة  الضمنيّة لدى الأفراد  و بالتالي تحويلها إلى صريحة ، زيادة على ذلك  تحول المعرفة com و هي عمليّة  تحول المعرفة الصريحة المكتوبة إلى حزم  أو تكوينات  معرفيّة  رمزية من المعرفة  الصريحة المكتوبة  أيضا و أخيرا  تحول المعرفة  Intو تمثل هذه العمليّة ظاهرة إكتساب  المعرفة من خلال إنتقال المعرفة النصيّة الصريحة  إلى معرفة ضمنيّة  تضاف إلى الخزين  المعرفي للأفراد  ممثلا بالذاكرة الإنسانيّة .

و يقول الدكتور سعد غالب ياسين  أنه مع ذلك "  تبقى المعرفة الفرديّة  هي أساس عمليات  تكوين المعرفة  في المستويات  الأخرى و بخاصة  في مستوى المجموعات أو الفرق Groups   و في المستوى التنظيميّ  حيث أن  تدفقات المعرفة  تبدأ أولا من الفرد إلى الجماعة  و من الجماعة أو المجموعة  إلى المستوى التنظيمي الأشمل " .

هذا و بعد  نموذج SECI لتكوين المعرفة  فتح المؤلف قوسا  حول فضاء  المعرفة Knowledge Ba و هو وفقا  لما تم طرحهُ  تلك البيئة  التي  تستزرعُ  فيها المعرفة  التنظيميّة  و تكون بمثابة  الحاضنة الخصبة المحفزة  لعمليات توالدها  التي أطلق عليها الباحث مسمى مكان  و فضاء المعرفة  " حسب المفهوم الياباني "  و ضمن هذا السياق يذكر المؤلف عدة أنماط  من الفضاءات  الخاصة بتكوين المعرفة  و المتمثــــــــــــــــلة  في Originting BA  و Interacting BA  ، Exercising BA   و أخيرا Cyber BA ، ليحاول بعد ذلك رفع الستار عن أنموذج  لفضاء تكوين المعرفة  في إحدى أهم  الشركات العالميّة  SHARP   و التي  تملك  نظام مشروعات  باسم Urgent projects   يعمل ضمن  هيكل البحوث  و التطوير في المنظمة  و يتمتعُ بدعمٍ تقنيّ  و مالي قوي  من قبل جميع  الإدارات الأخرى  كما أنّ  له  فرصا للإستفادة  من عديد التقاليد   و الوحدات القائمة داخل الشركة .

 في السياق الموالي  ينتقلُ المؤلف إلى المرحلة الثالثة  من مراحل دورة حياة المعرفة  و المتمثلة  في " مشاركة " هذه  الأخيرة Knowledge Sharing  هذا  و يشير  في المستهل إلى أنَّ البعض  من الباحثين ينظر إلى المشاركة  على أنها نشاط يحصلُ  خارج دورة حياة  المعرفة في المنظمة  و هو الأمر الذي يعد غير واقعي  في نظره إذ يقول :  "  المعرفة عندنا – إن كان لنا عند -  هي جزء أساسي من  دورة حياة المعرفة التنظيميّة  فما قيمة المعرفة  التي يتم إستقطابها و تكوينها  و إبتكارها  إذ لم تتم مشاركتها مع العاملين  في داخل المنظمة  بصفة خاصة  و مع الزبائن  و المستفدين  في البيئة الخارجيّة " ، و يضيف في موطن  لاحق بعد ضبطه  ( مفهوميّ نقل المعرفة و تراكم المعرفة )  بإعتبارهما ذوي  صلة حثيثة  بالمشاركة  أن هذه الأحيرة  تعني " عمليّة  التفاعل المستمر  و المتبادل لأصول المعرفة  المنظورة و غير المنظورة بين الأفراد  ، فرق العمل  ، جماعات المعرفة داخل المنظمة ، و بين  المنظمة و المستفدين  و بين المنظمات التي تعمل في السوق " .  ليوضح في مباحث  موليّة  المعالم الأساسيّة  لتكنولوجيا المشاركة  بالمعرفة و  علاقة شبكة الأنترنت بها  و كذا ما يسمى  بشبكة المنظمة الداخليّة " الأنترَانيت " و الخارجيّة " الإكسترَانيت  " فضلا عن علاقة مرحلة المشاركة  بإدارة سلسلة التوريد  و كذا إدارة  علاقات الزبائن [1].

و أخيرا  ختم  الدكتور سعد غالب ياسين  فصله السابع  بالحديث عن المرحلة الرابعة  من مراحل دورة حياة المعرفة  في المنظمة و المتمثلة في  مرحلة التطبيق و التي شبهها  بجهود نقل الأفكار  و المعارف و الخبرات الثمينة  إلى ممارسات  مندمجة مع الأداء  التنظيميّ  بهدف تحسين  و تعزيز جودة  هذا الأداء و كفاءة  العمـــــــــــــــــل و فعاليته  ، و لأنّ المعرفة  تساهم بصورة  مباشرة في تحصين  الأداء التنظيميّ  عندما تستخدم  لصنع القرارات  و إنجاز المهام  فإنّ عمليّة  تطبيق  المعرفة  تعتمد  بالأساس  على المعرفة التنظيميّة المـــــــ    ـــــــــــــــتاحة  و المتوفرة  و كذلك على  مجموعة عمليات إستكشاف  المعرفة و إستقطابها  و تخزينها .

هذا و أكد سعد غالب ياسين  أن عمليّة تطبيق المعرفة  ترتبط أيضا بطبيعة و مفهوم  نظم " التعلم التنظيمي "  مشيرا إلى أنَّ من أهم  التحديات  التي تواجه   المنظمات  في يومنا هذا  هو كيف تستطيع أن تدمج  أفرادها في عمليّة التعلم  و كيف تستطيع أن تتعلم بدرجة  أسرع من المنافسين  خاصة و أن التعلم التنظيميّ  لم يعد في عصرنا القائم  على إقتصاد المعرفة  و التعلم المستمر  مجرد خيار  يمكن تجاهله  بل حتميّة ضروريّة  لضمان التطور و الإستمرار  ، هذا من جهة ، من جهة أخرى  يرى المؤلف  أنه فضلا عن إرتباطها  بمفهوم التعلم التنظيميّ  لمرحلة تطبيق المعرفة  علاقة جوهريّة  بما يسمى ذاكرة المنظمة  أو مفهوم الذاكرة التنظيميّة  بإعتبار أن هذه الأخيرة " الذاكرة "  مكون رئيسي لعمليّة التعلم  التنظيميّ  حيث تساعد على تخزين  كل المعارف المطروحة   و المعلومات و الخبرات  المرتبطة  بأنشطة و أعمال  المنظمة و بإنجازاتها  ما يعني في نظر الباحث  أن تطبيق المعرفة  لا يتم إلا من خلال  وجود تكامل  بنيوي فاعل بين التعلم التنظيميّ  و نظم الذاكرة التنظيميّة .


الفصل الثالث : نظم  إدارة المعرفة Knowledge Management Systems

من  المعلوم  أنّ إدارة المعرفة  لا تعمل في فراغ و إنما  ضمن محيط تنظيميّ  و إجتماعي يتدعم  أساسا  بنـــــــــــــــظم و أدوات  تكنولوجيا المعلومات  و الشبكات  للتعامل  مع المعرفة الصريحة  المكتوبة و المساعدة في تعزيز  فاعليّة المغرفة الضمنيّة المخفية  في المنظمة .

 و يذهب سعد غالب ياسين بالقول  إلى أنّ إدارة المعرفة لا تمارس إلا  من خلال منهجيّة منظمة  و مخططة لتنظيم  و تخزين المعرفة  التنظيميّة و معالجتها  و نقلها و المشاركة فيها  و ذلك بإستخدام مجموعة من النظم KMS   هذه الأخيرة  يرتكز دورها أساسا  في إستكشاف القيمة   في المعرفة التنظيميّة  و بالتالي المساهمة  في تحقيق  نجاخات سلسلة القيمة  الأخرى و تحقيق الميزة التنافسيّة  للمنظمة  ، و يؤكد المؤلف في هذا السياق  بأن هذه النظم لا تستطيع  أن تقدم دعما كبيرا للمعرفة   الضمنيّة  إلى في حدود ضيقة  خاصة و أن الجزء  الأهم من هذه  المعرفة موجود   بالأصل  في عقول  الأفراد  ، هذا و إن  كانت بعض النظم  تستطيع من خلال تقنيات  التعلم و الإدراك  إستكشاف بعض  الحقائق  الجديدة و تعلمها  و التدريب الذاتي  عنها من خلال المـــــــــــــــــمارسة  ، و يقول المؤلف " على أية حال  تتطور نظم إدارة المعرفة  بإستمرار  و تحاول أن تستفيد  بصفة جوهريّة  من تقنيات الذكاء  الصناعي  و الفتوحات العلميّة  في مجال الحوسبة الشبكيّة  و المعالجة المتوازية  و الموزعة للوصول  إلى أفضل مستوى من الأداء الفاعل  مع الطبيعة المعقدة و المتنوعة للمعرفة التنظيميّة  ذات الأبعاد  المتعددة و المختلفة " .

في المحور  الأول من الفصل  الثالث و الذي وضبه   المؤلف للحديث  المفصل  عن دورة  حياة  نظام  إدارة المعرفة Knowledge management system life cycle ( KMSLC)  ذهب هذا الأخير  إلى أن لكل  نظام حي دورة  حياة تتكون  من مجموعة من المراحل  و هو ما يقع  على نظم إدارة المعرفة  و التي تسبقُ   مرحلة ولادتها دراسةً  و تخطيطا إستراتجيّا  لدورة  تطويرها  ليعقبها بعد ذلك  برمجة و تنفيذ  مراحل تطوير  النظام الجديد  لكي يتسنى  للطاقم  القائم  عليه  و ضعه  موضع  التطبيق  و الإستخدام  بغرض الإستفادة  من الفوائد المنوطة به .
و لتوضيح ما سلف عكف المؤلفُ  على تقديم ملامح دقيقة لملامحِ  دورة تطوير  النظم التقليديّة traditional life cycle   و التي تعد من  أعتق   و أقدم  الطرق و الأساليب  المنهجيّة  لدراسة و تطوير و تصميم  نظم المعلومات  و من أكثرها هيكلية  و تماسكا  بحكم برمجتها الدقيقة  للمراحل  و الأنشطة  التي يجري  تنفيذها في كل مرحلة  و بحكمِ التخطيط  المسبق  لكل تفاصيل  الوظائف و المهام  المنوطة بكل  نشاط يدخل  في إطار  نظام تطوير إدارة المعرفة .

هذا  و يذهبُ المؤلفُ  إلى أن العديد  من المؤلفين و العلماء و الباحثين  و خبراء تكنولوجيا المعلومات  قد حاولوا   تمثيل  المراحل  الأساسيّة   لدورة  حياة  النظام  لكنهم كما يقول  إختلفوا  في تحديد المــــــــــــــــسميات  و الأسبقيات  و في أحيان أخرى  اختلفوا في تحديد  مضامين كل مرحلة  أساسيّة من مراحل  التطوير  و في طريقة نمذجة   دورة الحياة  ، لكنهم  بوجه عام  اتفقوا جميعا  على هذه المراحل الأساسيّة  و التي  يذكرها المؤلف على نحو التالي :
1.    مرحلة  تحليل النظام Systems Analysis
2.     مرحلة  تصميم النظم   Systems design
3.     مرحلة تطبيق النظم Systems implementation
4.     مرحلة  تقييم  Systems evaluation
و لكل مرحلة   من هذه المراحل  حزمة من الأنشطة   الجزئيّة – الفرعيّة -  و بالتالي بالإمكان  تصور عمليّة  التطوير على أنها  شبكة من المهام  المتدفقة من أول نشاط  في مشروع  تطوير  و تصميم النظام  إلى آخر مهمة  في تنفيذه  و تسليمه  لمن  يحتاجه .

هذا  و يقول  المؤلفُ  بأنه لابد  من القول  أنَّ عمليّة  تطوير نظم  المعلومات التقليديّة  تتم  من خلال  فريق  عمل مختص  يهتم  بعمليات  تحليل  و تصميم  النظام بغرض  إستكمال  أنشطة  البناء و التطوير  الخاصة بالنظام الجديد  الذي من شأنه  تلبية الإحتياجات  الجوهريّة للمستفدين .

 في سياق موالي  ينتقل البروفسور سعد غالب ياسين  بالقارىء إلى محور  "  مراحل دورة  حياة  نظم إدارة المعرفة  الحديثة "  و التي تتكون أساسا  من المراحل التاليّة : " 1.  دراسة  و تقييم البنيّة الأساسيّة  لتكنولوجيا المعلومات  و الشبكات ،2.  تشكيل فرق  تصميم نظام  إدارة المعرفة ، 3.   إتقطاب المعرفة التنظيميّة ، 4.  نصمي نظام إدارة المعرفة ، 5 .  إختيار و تطبيق نظام إدارة المعرفة ، 6.  التقييم النهائي لنظام إدارة المعرفة .

و يشير في هذا الصدد  إلى أن كل مرحلة  في دورة حياة  نظام إدارة المعرفة  هذه تتكون هي الأخرى من حزمة من الأنشطة  الفرعيّة المتكاملة  و لكنها تختلفُ  من حيث البناء  أو البنيّة  و العناصر  و شبكة العلاقات  التي تربطها  عن انشطة دورة حياة  النظم التقليديّة  ، هذه النظم التقليديّة  التي تختلف عن الحديثة  في كون الثانيّة " الحديثة "  لا تتدفقُ بصورة خطيّة  تتابعيّة  و إنما تعمل  ضمن شبكة  علاقات متداخلة  بمدخلاتها و مخرجاتهـــــــا  و مختلف عملياتها  ، كما أنه عليها أن  تنطلقَ  من قاعدة تقنيّة  و معلوماتيّة  قويّة موجودة  تتكون من  نظــــــ ـــــــم و أدوات  و قواعد البيانات  و كل أنماط  و تطبيقات   تكنولووجيا  المعلومات كما يذكر المؤلف .

هذا و قد حاول هذا الأخير  أن يرصد  في المبحث  الثالث من محوره  الأول لفصل كتابه الثالث  مواطن  الإختلاف الأساسيّة  بين دورة حياة نظام  إدارة المعرفة  و دورة التطوير التقليديّة  بشكل  أكثر تفصيلا و سردا  لهذه المواطندارة المعرفة . التي يمكن أن نلخصها  فيما يلي :

1.     يتعامل محلل النظم  في النظم التقليديّة  مع وسائل  الحصول على البيانات  و المعلومات  من المستفيد  أما مهندس المعرفة  الذي يتولى  تطوير النظام  فيتعامل أساسا  مع موضوع  إستقطاب  المعرفة من الخبراء  أو أصحاب  المعرفة و صناعها  في المنظمة .
2.     إختلاف  أدوار  محلل النظم  في تطوير النظم التقليديّة  و أدوار مهندس  المعرفة  في دورة حياة  نظم إ ردارة المعرفة .
3.     دورة تطوير النظم التقليديّة  هي بصفة جوهريّة ذات طبيعة خطيّة  تتابعيّة  أما دورة حياة  نظام إدارة المعرفة  فهي ذات طبيعة  تفاعليّة  و تشابكيّة في آن واحد .
4.     عمليّة  تقييم النظام  في دورة التطوير التقليديّة  تتم في المرحلة الثانيّة بينما في دورة  حياة نظام  المعرفة فتتم  في كل مرحلة .
5.    " التقليديّة "  تعتمد  على عمليّة التوثيق  و تجزئة العمليات  أما "  دورة تطوير نظم إدارة المعرفة "  فعلى منهج تطوري  بخطوات متناميّة " .
هذا و بعد  ضبط مواطن الإختلاف  فتح المؤلف قوسا  حول أعمال  و نشاطات   " مهندس المعرفة  مقابل  محلل النظم "  و يذهبُ إلى أن الأول  هو ذلك الشخص  الذي يقوم بتصميم  و تطوير  نظام إدارة المعرفة  ضمن حيز هندسة  المعرفة التي هي  مجموعة من الأنشطة التحليليّة  و التقنيّة المعقدة  تبدأ برسم  خرائط المعرفة  بهدف تمثيلها  وصولا  إلى ترميز  المعرفة  و يرمجتها من خلال  إستيعاب  تلك المعرفة  الموجودة لدى الخبراء  أو الصريحة المكتوبة  في المراجع و الكتب  و الوثائق و التقارير  و غيرها ، أما محلل النظم  فهو ذلك الشخص الذي  يتولى أنشطة   تحليل  و تصميمِ  نظام المعلومات  بإستخدام الأدوات  التقليديّة  المعروفة  أو البرامج  التي تقعُ ضمن  الحزمة CASE .

 هذا و بعد المحور الأول  انتقل المؤلف في المحور الثاني  بالقارىء  إلى تقديم تحليل  موجز و مقتضب  حول  مراحل دورة  حياة نظام  إدارة المعرفة  ، أما  عن المرحلة الأولى  و التي ذكرناها سالفا  فتتمثل في " دراسة و تقييم   البنيّة الأساسّة  لتكنولوجيا المعلومات  و الشبكات " هذه البنيّة التي تعد  بمثابة القاعدة الأساسيّة  التي يتم تطوير نظم إدارة المعرفة  عليها و إنطلاقا منها .

و يتجه  فريق التطوير  حسب المؤلف  في هذه المرحلة  نحو  تقييم القاعدة  المعلوماتيّة  كمقدمة لتحليل  و تقييم حالة  المعرفة التنظيميّة  المتاحة في المنظمة  راهنا و الموجودة  بالدرجة الأدولى  في معارف و مهارات   الأفراد  العاملين في المنظمة ، هذا من جهة ،  من جهة أخرى  تتعلقُ  المرحلة الثانيّة بــــ " تشكيل  فريق  تصميم  نظام إدارة المعرفة "  و الذي  يتكون  من مهندس المعرفة ،  خبراء المجال  ، صناع  المعرفة  و المستفدين منها  و يحتاج هذا الفريق  كما يؤكد المؤلف  إلى وجود خبرات  في إدارة االمشاريع  و قيادة فرق  العمل على إعتبار  أنَّ المهارات  التنظيميّة و الإنسانيّة  لديها من الأهميّة  بالنسبة للفريق ما للخبرات التقنيّة .

أما  عن المرحلة الثالثة  و المتعلقة  بـــــ "إستقطاب  المعرفة  التنظيميّة "  فذهبَ  المؤلف دائما  إلى أن فريق  تطوير النظام  هو من يتولى  تنفيذ الأنشطة  الخاصة بالإستقطاب  " إستقطاب  المعرفة  الضمنيّة و الصريحة " ، - الضمنيّة -  الموجودة لدى الأفراد  العاملين  و بالخصوص أولائك  أصحاب  المعرفة  و خبراء المجال  أما الصريحة  فيتم إستقطابها عموما  من الوثائق  و المراجع  و التقارير  و الوسائط الرقميّة  و غيرها من الوسائل .

ليصل بالحديث  إلى المرحلة  الرابعة المرتبطة  بـــــ " تصميم النظام "  و التي يتم فيها  نقل التوصيف   المنطقي   للنظام  الجديد  إلى تصميم مادي  يتكون  من عتاد  الحاسوب و البرامج  و الشبكة  و كذا نظم  إدارة قواعد المعرفة و غيرها  من المكونات الرئيسيّة .

و يقول المؤلف " و في هذه المرحلة  يتم الإنتهاء من مرحلة  تمثيل  المعرفة و برمجتها  في النظام الجديد  كما يتم وضع  واجهة  بينيّة  للنظام  ترتبط مع صناع المعرفة  و خبراء المجال  و مع المستفدين  في المنظمة" .

أما فيما يتعلقُ  بالمرحلة  الخامسة " إختبار  و تطبيق نظام إدارة  المعرفة " فتنوع إلى  نشاطين جزئيين " يشير المؤلف " يتعلقُ الأول  بإجراءات التأكد  من صحة التصميم ما يعني التأكد  من عمل البرامج  لإنجاز الوظائف  المخصصة  لها و كذا التأكد من قيام النظام  بعمليّة التدقيق الداخليّ ، أما النشاط الثاني  فيتعلقُ عموما  بضمان وفاء  النظام  بالواجبات و المهام  المنوطة به  لتلبيّة  إحتياجات  المستفدين  و توقعاتهم .
بعد هذه الإجراءات  الإختباريّة للتأكد  من كفاءة و فعاليّة النظام  تبدأ  مرحلة جديدة  و هي مرحلة  تطبيق النظام  الجديد  و التي تعني  حسب المؤلف  " الإنتقال  من نظام  المعلومات الحالي  إلى نظام  إدارة  المعرفة  الجديد من خلال  إستكمال  أنشطة التحول  سواءا  عن طريق إستخدام  إستراتجيّة  التحول التدريجيّ  أو إستراتجيّة  التشغيل الموازي  " ( بالموازاة  مع النظام القديم ) .

 ليتم الإنتقال بعدها  إلى  المرحلة  السادسة المرتبطة  بتطوير  و تحديث  هذا النظام  و التي يتم من خلالها  إستكشاف  العناصر و المكونات  التي تحتاج  إلى  تطوير أو تحديث  بعد عمليّة التطبيق  ، و تحتاج هذه المرحلة  كما يؤكد  المؤلف إلى ضرورة  التقليل من مقاومة  صناع  المعرفة و أصحابها  ممن تتعارض مصالحهم  الشخصيّة مع وجود النظام .

إنتهاءا في  الأخير  بمرحلة  التقييم النهائيّ  و التي يمكن  إنجاحها  بالإعتماد على  رصد  إجابات لعديد  الأسئلة المتعلقة  بالأداء  نذكر منها  :
1.     ما تأثير نظام إدارة المعرفة  على جودة المنتجات  أو الخدمات  المقدمة للزبائن ؟
2.     ما تأثير  نظام إدارة  المعرفة  على عمليّة  تحقيق  الميزة التنافسيّة  بالنسبة للمؤسسة ؟
3.     ماهي  الإيرادات  الفعليّة و المتعلقة  من  نظام  إدارة المعرفة ؟
في سياق آخر انتقل  المؤلف   سعد غالب ياسين  في المحور الثالث  إلى رصد أنواع نظم إدارة المعرفة  و استهل  في تقديمهِ  هذا المحور  بالقول  أنه توجد  أنواع مختلفة  جدا من  نظم  إدارة المعرفة  و التي  من غير الممكن  تناولها  مرة واحدة  لأنَّ  ذلك سيتجاوزُ  أهداف  الكتاب مؤكدا  بأنه سوف  يمضي أولا  بدراسة  النظم الخبيرة  باعتبار أنَّ هذه الأخيرة  تستند على قواعد المعرفة  ثم ينتقل إلى دراسة  النظم  التي تستند على الحالات ثم نظم التنقيب  وصولا في الأخير  إلى النظم الموجهة  نحو دعم  القرارات .

 بادئا ذي بدأ يذهب المؤلف  في النوع الأوّل  إلى أن النظم  الخبيرة  من أهم أنواع نظم  إدارة المعرفة  و النظام  الخبير بكلمات بسيطة  أوليه على حد قوله  هو عبارة " عن  برنامج  حاسوب مصمم  لنمذجة  معرفة و قدرة  الخبير الإنساني  على حل المشكلات "  ، و من  أهم مزايا هذه النظم  و المنافع المترتبة عن إستخدامها  في منظمات الأعمال  أنها توفر تسهيلات هامة  لتخزين و تمثيل  و إسترجاع و إستخدام المعرفة  بغرض حل المشكلات ، كما أنها تقدم الدعم المباشر لعمليات  إتخاذ القرارات غير المبرمجة  و شبه المبرمجة  ، فضلا عن محافظتها على المعرفة الضمنيّة و الصريحة  و تمثيلها في  أنساقٍ و قواعد منطقيّة  لكي تكون سهلة الإستخدام  من قبل المستخدم النهائي  .. و غيرها الكثير  من المزايا  التي تساعد في الختام  على تكوين الذاكرة التنظيميّة  و تطوير  رأس المال المعرفيّ في المنظمة .

هذا و يشير المؤلف في إطار شرحه  الدقيق لهذا النظام  إلى أنّ هذا الأخير  يتكون من المكونات الجوهريّة التاليّة (  قاعدة المعرفة ، آلة الإستدلال ،  النظام الفرعي للتسيير  ،  النظام الفرعي لإكتساب المعرفة ،  و آخيرا الواجهة البينيّة للمستفيد ) هذا و قد قدم شرحا  مفصلا عن هذه الأنظمة  الفرعيّة [2].

في مبحث موالي  ذهب المؤلف إلى تناول  موضوع التقنيات  المستخدمة  في ترميز المعرفة الموجودة في النظم الخبيرة .
في العنوان الأول من المبحث   " المعرفة و النظام الخبير "  أكد المؤلف على أن  المعرفة  في هذه الأنظمة هي  المورد الإستراتجي الذي  يرمز  إلى القيمة و القوة   و هو ما جعل من الأهميّة بما كان  رصد أنواع  المعرفة في النظم الخبيرة كما جاء في العنـــــوان التالي ، هذه الأنواع التي يمكن إجــــــــــمالها في (  المعرفة الإجرائيّة ،  المعرفة البعديّة " الماورائيّة " ، و المعرفة الإستكشافيّة ) .

و من التقنيات المستخدمة لتمثيل هذه المعرفة  في النظم الخبيرة  ذكرَ المؤلف  : تقنيّة الكينونة ،  القواعد بأنواعها "  قواعد علاقات ـ توصيّة ـ قواعد توجيهيّة ـ قواعد إستراتجيّة ـ  قواعد الإستكشاف ـ و القواعد غير المؤكدة ، فضلا عن ذكرهِ  تقنيّة المعرفة بالشبكات  و تقنيّة المعرفة  بإستخدام  الإطارات  و كذا تقنيّة  تمثيل المعرفة  من خلال المنطق .

هذا و عرج المؤلف كذلك  في سياق نفس المحور على " الإستدلال  و عمليّة التفكير الإصطناعيّ في النظم الخبيرة "   مؤكدا على ان هذه النظم  تستطيع التعامل مع الأنماط  الأساسيّة للتفكير ( بدرجة نسبيّة  قياسا  للقدرات الإنسانيّة بطبيعة الحال )  ، أما عن هذه الأنماط فحوصلها في  " التفكير الإستنتاجي ،  التفكير الإستقرائي ، التفكير القياسي  و أخيرا تفكير الإدراك السليم " .

و أخيرا ختم  الكاتب حديثه عن النظم الخبيرة  بإشكاليات هذه الأخيرة مع المعرفة  و لعل أبرز هذه الإشكالات  المحددة لقدرات النظم الخبيرة  " يقول المؤلف "  هو عدم وجود آليات التعلم  الذاتي  من القواعد التي تستخدمها أو من المعرفة  المتراكمة المخزونة  و المعرفة الجديدة المضافة  بين فترة و أخرى  ، أي أنها لا تستطيع التعلم  من المتغيرات الجديدة  في الأعمال بل  تبقة متأثرة  بما قدمه لها  العنصر البشري  و فقط ، هذا من جهة .

من جهة أخرى  تواجه عملية تحديث معرفة النظام  الخبير  مشاكل جوهريّة من بينها  تكلفة التحديث و التطوير  سواءا  من الناحيتين التقنيّة أو الماديّة  و هي التكلفة  التي لا تستطيع كل المنظمات  تحمل أعبائها .
و لكن بالرغم من كل هذا يقول المؤلف " لا يعني أن هناك ظاهرة تراجع  في مستوى أهميّة النظم  الخبيرة و درجة إستخدامها لدعم أنشطة الإدارات  لأن هـــــــــــــــذه النظم  لا تزال تنتج  و تســــــــ ــــــ ـــــــوق  و تستخدم على نطاق واسع " .

بعد النظم الخبيرة إنتقل المؤلف  للحديث عن نظم التفكير  على أساس الحالات  و التي تعتمد بصفة جوهريّة   على قدرات تخزين مشكلات الماضي كحالات مستقلة  لتستغل  من خلالها  الحالات العلميّة  التي وقعت  و التي يمكن من خلالها  إسترجاع  الحالات القريبة من المشكلة  موضوع القرار  لتحقيق فائدة  و ميزة التعرف  على ما تم اللجوء  إليه من حلول  في الماضي .

هذا و يذهب سعد غالب ياسين  إلى أن إسترجاع المعرفة الضمنيّة  و النصيّة الموجودة  في هذه الحالات  يكون على مرحلتين ، الأولى  تسمى برمحلة التعلم  و ترتكز أساسا على فهم المشكلة  و تعلم الحل ن  أما الثانيّة فتسمى  بمرحلة التصنيف  و التي تعمل  على إستعراض الحالات  و تصنيفها  و إسترجاع  الحالة المناسبة  للمشكلة  الجديدة  بغرض الإستفادة  من دروس الماضي .

ثالثا – ركز المؤلف -   شرحه هذه المرة  على نظم التنقيب  عن المعرفة  ، و يقول  بأن هذه الأخيرة تهتم أساسا  بعمليّة إستخلاص و إستنباط المعرفة من  مواطن وجودها و تخزينها  بهدف تقديمها في الأخير  إلى المستفدين النهائين ، و في إشارته  للعلاقة القائمة  بين نظم التنقيب  و نظم قواعد  المعرفة  و مستودعات البيانات يقول المؤلف : "  يمكن القول بوضوح  أن نظم التنقيب عن المعرفة تحتاج  إلى وجود نظم  قواعد المعرفة  و مستودعات البيانات لكي  تنهل من هذه المصادر  الكبرى كل ما تحتاجه  من معرفة  نصيّة مرمزة  أو معرفة  مخفيّة مضمرة " .

هذا و يشير المؤلف  أنه تستخدم في عمليّة التنقيب  عن المعرفة تقنيات  مختلفة من أهمها  تقنية تعـــــــــــــــــــــلم الآلة  و الحوسبة العصبيّة  و غيرها ،  كما أنه  توجد أنواع  مختلفة للتنقيب  عن المعرفة  على غرار  التنقيب  عن النصوص  و التنقيب  في موارد شبكة الأنترنت ... إلخ .

و يشير المؤلف كذلك  إلى أنَّ نظم  التنقيب عن المعرفة  تقوم بتنفيذ حزمة متنوعة  و متكاملة من الوظائف  المهمة  على غرار : الكشف  عن الأنماط و العلاقات المخفيّة – تحديد الإرتباطات -  الكشف  عن أنماط العلاقات المتتابعة  ، تحليل  و بناء العناقيد  و كذا التنبؤ بالمستقبل .[3]

رابعا / نظم  الشبكات العصبيّة المحوسبة  : يعرف  المؤلف هذه النظم  على أنها نظم معلومات محوسبة  مصممة على غرار  البنيّة الوظيفيّة للدماغ في محاولة  بسيطة لمحاكاة  الطريقة التي  يفكر و يعمل بها عقل الإنسان لكن تبقى بطبيعة الحال  درجة  تعقيد الخليّة  العصبيّة  التي توجد  في نظم الشبكات العصبيّة المحوسبة  أصغر بكثير من تلك الموجودة في دماغ الإنسان .

هذا و تتكون  الشبكة العصبيّة  الحاسوبيّة  من وحدات مترابطة   تقوم كل وحدة  بتنفيذ عمليات  معــــــــــــــــــــــالجة  و توصيل النتائج  إلى  الوحدات المجاورة  و لهذا لديها قابليّة التعلم  من خلال التدريب  بإستخدام  الأمثـــــــــــــ ــــلة و الحالات .. إلخ .

و يشير المؤلف على أنه  توجد أنماط مختلفة  للشبكات العصبيّة  منها على سبيل المثال  ( نظم الذاكرة المصاحبة ،  نظم المستوى الخفي ، نظم الإعادة الذاتيّة  ... إلخ ) .

كما يشير أيضا  إلى أن عمليّة البرمجة  تتم بإستخدام  برامج مخصصة لهذا الغرض  ، هذا من جهة ، من جهة أخرى  تتميز الشبكات العصبيّة  المحوسبة عن غيرها  من نظم إدارة المعرفة  المندمجة في حقل الذكاء الإصطناعي  بوجود ما سماه "  توليفة متنوعة "  من الخصائص  الفريدة منها  مثلا قدرتها  على الوصول إلى الحلول  المثلى إستنادا على التعلم الذاتي و ليس على المعرفة الموجودة في  قاعدة المععرفة كما هو الحال  في النظم الخبيرة ، فضلا  عن ذلك  فإنَّ إستخدام الشبكات  العصبيّة  لمنهج الإستكشاف  و بحثها عن  الحلول المثلى .. إلخ من سماتها الأساسيّة .

هذا  و حاول المؤلف  التمييز بين الشبكات  العصبيّة  و النظم الخبيرة  مبرزا أن  مضمون التقنيّة  و الأهداف الأساسيّة هي مواطن الإختلاف  فالنظم الخبيرة مثلا على تقنيّة إستقطاب  و تمثيل و تخزين المعرفة  في مجال علمي أو تطبيقي محدد  أما الشبكات المحوسبة  فتعمل بصورة جوهريّة  على تقنيّة  وضع  الذكاء  في عتاد الحاسوب .

خامسا ، تطرقَ المؤلفُ  في العنوان الرئيسي  الخامس  إلى نظم  المنطق الضبابي  و ركز على طريقة  تطبيقها مؤكدا  على أن الفكرة الجوهريّة  لهذه النظم  تتجاوز  المنطق القاطع  و تعمل على ربط الحالات الضبابيّة   بدرجاتها الإحتماليّة ، و ظهرت هذه النظم  لتجاوز المنطق  الحاسوبي البوليني  الذي ينطلقُ  من تشخيص الظاهرة  على أنها صحيحة  تماما أو خاطئة تماما .

هذا و في سياق تسلسليّ  ختم المؤلف سلسلة شرحهِ  لأنواع النظم المختلفة  بنظم الخوارزميات الجينيّة  و التي تندمجُ  إندماجا واسعا  بتكنولوجيا الذكاء الصناعي  و تستخدم بصورة كبيرة  في مجال البحث  عن الحــــــــــــــــلول  و البدائل المثلى   للمشكلات الإداريّة  و الإقتصاديّة  و غيرها .

و يشرح سعد غالب ياسين  هذه النظم قائلا  "  تستخدم نظم الخوارزميات  الجينيّة منهجيّة  التطــــــــــــــــــــــور و الصراع  بين الحلول  و البدائل الممكنة  إلى ان يتم  إستبعاد جميع الحلول  الرديئة  التي لا تستطيع البقاء في هذا الصراع " .

و على العموم يشير المؤلف  إلى أن الفكرة الجوهريّة  لنظم  الخوارزميات  الجينيّة  تتمثل بإنشاء مجتمع  الحلول للمشكلة  موضوع الدراسة  و من ثم العمل على ما سماه  إنتاج أجيال جديدة  من الحلول  تكون أفضل من سابقاتها .

و يؤكد الباحث دائما  أنه لفهم  طريقة عمل المكونات الأساسيّة  لتكنولوجيا الخوارزميات  الجينيّة   لابد من تحليل المفاهيم التاليّة "  التمهيد الأوليّ  لمجتمع الحلول ، التقييم ، الإختبار ،  العبور و أخيرا التحول " .
و لغلقِ هذا الفصل  الثالث  هدف المؤلف  إلى أن يقدم في المحور السابع  و الأخير  تقنيات الذكاء الصناعي الأخرى المعروفة  على غرار  نظم تكنولوجيا  الذكاء الصناعي CBC  ،  نظم الخوارزميات التطوريّة ،  نظم إستكشاف المعرفة من شبكة الأنترنت  ، نظم الذكاء الهجينة   بما تضمه من نظم خبيرة عصبيّة و نظم عصبيّة ضبابيّة  و نظم الشبكات  العصبيّة الإرتقائيّة .
يتبع .








 الترقيم هنا من 5 إلى 7 و ليس 1 ، 2 ، 3.

 لفهمٍ أوسع لما  قدمه المؤلف  أنظر / ي الصفحات 110 – 121.[1]  
[2]  أنظر / ي  ص 154 إلى 159 .
 [3]  أنظر / ي  شرح هذه  الوظائف من 179 إلى 181 .



 أنظر / ي  ص 42  لفهم تحليل المؤلف  المذكور  فيما سلف .[1]
 يؤكد المؤلف أن المبادئ  المذكورة من قبله لا تقع ضمن  حدود المنطق القاطع  و الأحكام الثابتة  بل هي بباسطة  قواعد نسبيّة  [2]
لحقائق نسبيّة  تقبل  التعديل و التغيير .
   أنظر / ي  صفحات الكتاب 52 إلى 60 .[3]  
[4]   أنظر / ي  الشكل المقترح من قبل المؤلف .

هناك 3 تعليقات:

  1. كتاب َمفيد جدا. كيف يمكنني الحصول على نسخة ورقية في السودان.
    شكرا جميلاً

    ردحذف
  2. تشكر كتيييير...انه لعمري مفيد

    ردحذف